181

Fī adab Miṣr al-Fāṭimiyya

في أدب مصر الفاطمية

Genres

وإنشاء أجسامنا البائرة

21

فالشاعر هنا يسلم على جميع الأنبياء، وعلى الوصي علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته، ولكنه ذهب إلى أبعد من التسليم فقال: «فمحصولهم لديك أيا صاحب القاهرة»، وصاحب القاهرة في عصره هو الإمام المستنصر بالله، فهل معنى ذلك أنه جعل الأئمة في منزلة الأنبياء؟ تقول عقيدة الفاطميين إن النبي محمدا جمع أدوار كل الأنبياء والمرسلين الذين جاءوا قبله، أي إنه في دوره مثل آدم في دوره، فهو آدم على هذا النحو، وهو إبراهيم في دوره ... وهكذا، فكأنه بذلك جمع أدوار جميع الأنبياء، بل قال الفاطميون إن دور النبي محمد يشبه أدوار الأنبياء السابقين، وما حدث للأنبياء وأوصيائهم وأئمة دورهم يحدث أيضا لمحمد ووصيه وأئمة دوره، فالأدوار واحدة، ولكنها تتخذ أشكالا مختلفة، ولما كان الإمام يقوم مقام النبي فهو مجمع الأدوار أيضا على هذه الصورة، فالمستنصر هو آدم وهو إبراهيم وهو نوح ... إلى آخر الأنبياء، فالنور الذي تنقل بين الأنبياء حل في إمام الزمان، ليس معنى ذلك أن الأئمة كانوا بمنزلة الأنبياء؛ فقد ذكرنا أن لهم نفس صفات الأنبياء إلا صفة النبوة والرسالة، وهكذا نستطيع أن نفسر قصيدة المؤيد السابقة. ومن الطريف أن المؤيد نفسه في قصيدة أخرى قارن بين الإمام وبين بعض الأنبياء، فقال في مقارنة المستنصر بنبي الله عيسى بن مريم:

وصديق مثل العدو مداج

لا أراه إلا عدوا مضلا

جاءني حائرا فقال بجهل

ما أرى للمسيح في الناس شكلا

إن عيسى قد كلم الله في المهد

صبيا وكلم الناس كهلا

قلت: هذا مولى الأنام معد

Unknown page