345

Fī al-adab al-ḥadīth

في الأدب الحديث

Genres

أما "الأدب" وهو الذي يعنينا في كتابنا هذا أكثر من سواه، فقد اشتدت فيه حركة التعريب، ولا سيما الروايات والقصص، وقد عرفت فيما سبق أن الكلية الأمريكية ببيروت أسست سنة 1860, ثم أسست الكلية اليسوعية بعدها بقليل، وقد كان لهاتين الكليتين أثر بارز في توجيه النشء إلى القصة الغربية، ولما هاجر كثير من نصارى لبنان إلى مصر؛ حيث الحرية والشهرة والثورة, أخذ هؤلاء المهاجرون يترجمون القصص الأوربي ويذيعونه في الناس، وكانت بيروت قد شهدت من قبل قيام "مارون نقاش" يؤلف بعض المسرحيات أو يقتبسها من الأدب الغربي؛ مثل مسرحية: "البخيل" ل "موليير"، وكان يدعو فنه هذا "الذهب الإفرنجي المسبوك " وكان لمارون ابن أخ اسمه سليم نقاش, رحل بعد موت عمه إلى مصر، وسعى فيها حتى أنشأ مسرحا وفرقة، وظهر بمصر في ذلك الوقت رجل يهودي اسمه "يعقوب صنوع", أسس مسرحا عربيا بالقاهرة ترجم له عشرات # الروايات الفرنسية الغرامية بلغة عامية ركيكة, وقد تقدم الكلام عنه1، وظل المسرح منذ ذلك الوقت يعتمد على الرويات الأجنبية الممصرة، وأحيانا يضع له بعض المؤلفين مسريحات لا تمثل الحياة المصرية في شيء، وبها كثير من عادات الغرب وتقاليده, ولم يتجه المسرح وجهة إصلاحية إلا نادرا, مثل ما مر بك من روايات عبد الله نديم وأضرابه2.

على أن الاهتمام بالمسرح وبالتمثيليات لم يكن كبيرا، وإنما عني المترجمون بنقل القصص الغربي بأنواعه وألوانه؛ ومن أقدم الذين اشتغلوا بترجمة القصص نجيب حداد اللبناني3؛ فنقل إلى العربية رواية صلاح الدين تأليف "ولترسكوت" ورواية السيد Cid تأليف كروني Corneille وسماها: "غرام وانتقام", رواية "هير ناني" تأليف هوجو، وسماها: "حمدان", ورواية رميو وجوليت, تأليف سكسبير, وسماها: "شهداء الغرام"، ورواية البخيل ل "موليير" ورواية الفرسان الثلاثة, تأليف إسكندر دوماس في أربعة أجزء, طبعت لأول مرة سنة 1888.

وفي أواخر القرن التاسع عشر "يونيو سنة 1897", حضر إلى مصر كل من نقولا زرق الله، وخليل مطران، وطانيوس عبده، واشتغلوا بالصحافة، ثم التحق نقولا بجريدة الأهرام، وعكف على ترجمة الروايات بأسلوب سهل جذاب، وفي سنة 1904 ترجم رواية "سقوط نابليون الثالث" في أكثر من ألف صفحة، وقد استهوت هذه الروايات الناشئة في مصر والبلاد العربية، فأقبلوا عليها إقبالا شديدا، وأخذ بعض المسلمين يقلد هؤلاء المترجمين, حتى لقد أنشأ أحدهم مجلة باسم "مسامرات الشعب" يحشد فيها كثيرا من القصص الرخيص، وأخرج نقولا رزق الله4 "سلسلة الروايات الجديدة" وكان العدد يحتوي على شذرات من الشعر القديم، وقصصا قصيرة, إلى جانب الرواية الرئيسية، وأنشأ طانيوس عبده مجلة "الراوي" وفيها أخذ في تعريب الروايات الشهيرة مثل: "فوست" و"الملكة إيزابو".

Page 369