222

Fi Adab Hadith

في الأدب الحديث

Genres

"الجبن هو الذي أوهى الممالك فهدم بناءها، هو الذي قطع روابط الأمم فحل نظامها، هو الذي وهن عزائم الملوك فانقلبت عروشهم، وأضعف قلوب العالمين فسقطت صروحهم، هو الذي يغلق أبواب الخير في وجوه الطالبين, ويطمس معالم الهداية عن أنظار السائرين، يسهل على النفوس احتمال الذلة, ويخفف عليها مضض المسكنة، ويهون عليها حمل نير العبودية الثقيل, ويوطن النفس على تلقي الإهانة بالصبر والتذليل بالجلد، ويوطن الظهور الجاسية لأحمال من المصاعب أثقل مما كان يتوهم عروضه عند التحلي بالشجاعة والإقدام، والجبن يلبس النفس عارا دون القرب منه موت أحمر عند كل روح زكية, وهمة علية، ويرى الجبان وعر المذلات سهلا، وشظف العيش في المسكنات رفها ونعيما".

من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام1

وإذا جاوز الحاكم حده، طغى وبغى واستبد، وباع بلاده للأجانب الطامعين، والمستعمرين الغاصبين، ونكل بالأحرار المفكرين؛ كما فعل نوبار باشا مثلا حين طلب إبعاد الزبير باشا من مصر، وحين حارب كثيرا من المصلحين، وحين مكن للإنجليز في وادي النيل، فإن زعماء الإصلاح لا يترددون في التحريض على قتله، وتخليص الأمة منه".

"وإني أتعجب، وكل ذي إحساس يتعجب، من سكان الديار المصرية من المصريين والأتراك والحجازيين واليمانيين، ألا يوجد بين هؤلاء فتى يشمر عن ساعده ويتقدم بصدره، ويخطو خطوة إلى هذا الوزير الأرمني فيبطل هذه الصفقة, وينقض هذه البيعة، ويكشف له وللمغرورين من أمثاله حقيقة الوطنية، ويرفع الحجاب عن واجبات الملية؟ لا حول ولا قوة إلا بالله! إن المولعين بحب الحياة يقضونها من خوف العبودية في العبودية، ويتجرعون مرارات سكرات الموت في كل لحظة خوفا من الموت, لا يسوقهم إلى مرضاة الله، ولا الحمية تدفعهم إلى ما به فخار الإنسان"2.

Page 244