156

Fayḍ al-Qadīr sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr

فيض القدير شرح الجامع الصغير

Publisher

المكتبة التجارية الكبرى

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

مصر

⦗١٩٨⦘ ٢٦٨ - (احفوا) قال النووي بقطع الهمزة ووصلها من أحفاه وحفاه استأصله (الشوارب) أي اجعلوها حفاف الشفة أي حولها وحفاف الشيء حوله ومنه ﴿وترى الملائكة حافين من حول العرش﴾ كذا ذكره الغزالي واقتصر عليه وقال القاضي من الإحفاء وأصله الاستقصاء في أخذ الشارب وفي معناه أنهكوا الشوارب في الرواية الأخرى والإنهاك المبالغة في الشيء والمراد بالغوا في قص ما طال منها حتى تتبين الشفة بيانا ظاهرا ندبا وقيل وجوبا أما حلقه بالكلية فمكروه على الأصح عند الشافعية وصرح مالك بأنه بدعة وقال يوجع فاعله ضربا وأخذ الحنفية والحنابلة بظاهر الخبر فسنوا حلقه ونقل بعضهم عن الشافعي ندب حلقه باطل (وأعفوا) بفتح الهمزة (اللحى) بالضم والكسر أي اتركوها بحالها لتكثر وتغزر لأن في ذلك جمالا للوجه وزينة للرجل ومخالفة لزي المجوس والإعفاء التكثير <تنبيه> أخذ من هذه الأحاديث ونحوها أنه يندب مداواة الذقن بما ينبت الشعر أو يطوله فإن الإعفاء هو التكثير كما تقرر وهو غير مأمور به لأنه غير مقدور للرجل إنما المأمور به سبب التكثير وهو إما الترك أو المعالجة بما ينبت الشعر فهو من إقامة المسبب وهو التكثير مكان السبب وهو الترك أو المعالجة في الأمر به ورد بأن الإعفاء بمعنى الترك فلا يكون من ذلك بل يدل على عكسه فإنه إذا أمر بتركها فعالجها لتطول ما فعل ذلك المأمور به وبفرض جعل الإعفاء بمعنى التكثير فالصارف عن القول به أدلة أخرى ذكرها ابن دقيق العيد ولم ينقل عن أحد من السلف أنه كان يعالج لحيته لذلك ولم يذهب أحد إلى دخول المعالجة تحت الإعفاء انتهى ثم محل الإعفاء في غير ما طال من أطرافها حتى تشعث وخرج عن السمت أما هو فلا يكره قصه بدليل ما يجيء أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يأخذ من عرضها وطولها فافهم واللحية الشعر النابت على الذقن ومثلها العارض وأطلقه ابن سيده على ذلك وشعر الخدين ونقل النووي عن الإمام الغزالي كراهة الأخذ من العنفقة وأقره
(م ت ن عن ابن عمر) ابن الخطاب (عد عن أبي هريرة)
٢٦٩ - (أحفوا الشوارب) بألف القطع رباعي أشهر وأكثر وهو المبالغة في استقصائه ومنه أحفى في المسألة إذا أكثر كذا في التنقيح وتحصيل سنية قص الشارب بفعل الرجل بنفسه وبفعل غيره له لحصول المقصود من غير هتك ولا حرمة بخلاف الإبط والعانة ذكره النووي لكنه بنفسه أولى كما ذكره ابن دقيق العبد ويندب الابتداء بقص الجهة اليمنى لأن المصطفى ﷺ كان يحب التيامن لكن يحصل أصل السنة بالعكس كما قاله العراقي ويستثنى من طلب إزالة الشارب حالة الإحرام وعشر ذي الحجة لمريد التضحية والميت على المختار قيل والغازي بدار الحرب لإرهاب العدو والحديث يتناول السبالين وهما طرفاه لدخولهما في مسماه وفي حديث أحمد التصريح بهما لكن في الإحياء لا بأس بتركهما (وأعفوا اللحى) وفروها فلا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير منها كذا في التنقيح ثم زاد الأمر تأكيدا مشيرا إلى العلة بقوله (ولا تشبهوا) بحذف إحدى التاءين للتخفيف (باليهود) في زيهم الذي هو عكس ذلك وفي خبر ابن حبان بدل اليهود المجوس وفي آخر المشركين وفي آخر آل كسرى قال الحافظ العراقي والمشهور أنه من فعل المجوس فيكره الأخذ من اللحية واختلف السلف فيما طال منها فقيل لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة كما فعله ابن عمر ثم جمع من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة والأصح كراهة أخذ ما لم يتشعث ويخرج عن السمت مطلقا كما مر والكلام في غير لحية المرأة والخنثى أما هي فيندب إزالتها وكذا الشارب والعنفقة لهما قال الحافظ العراقي وفي قص الشارب أمر ديني وهو مخالفة دين المجوس ودنيوي وهو تحسين الهيئة والتنظيف مما يعلق به من الدهن وكلما يلصق بالمحل كعسل وقد يرجع تحسين الهيئة إلى الدين ⦗١٩٩⦘ أيضا لأنه يؤدي إلى قبول قول صاحبه وامتثال أمره من ولاة الأمور ونحوهم
(الطحاوي عن أنس) رمز المؤلف لضعفه ووهم من زعم أنه رمز لصحته

1 / 198