Fayḍ al-Qadīr sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr
فيض القدير شرح الجامع الصغير
Publisher
المكتبة التجارية الكبرى
Edition Number
الأولى
Publication Year
1356 AH
Publisher Location
مصر
٢٤٨ - (احذروا الشهرتين) تثنية شهرة وهي كما في القاموس ظهور الشيء في سمعة حتى يشتهر للناس والمراد هنا اشتهار الإنسان بلبس (الصوف) بضم أوله (والخز) بفتح المعجمة الحرير أو نوع منه أي احذروا لبس ما يؤدي إلى الشهرة في الطرفين أي طرفي التخشن وهو الصوف والتحسن وهو الحرير فإنه مذموم مكروه والمراد ما فيه حرير أما الحرير المحض أو ما أكثره حرير فحرام على الرجل وهو أمر بالتباعد عن طلب الشهرة في اللباس وقد أمر الشارع بالتوسط بين التفريط والإفراط حتى في العبادة وفيه رد على من تحرى من الصوفية لبس الصوف دائما ومنع نفسه من غيره وألزمها زيا واحدا وعمد إلى رسوم وأوضاع وهيئات ويرى الخروج عنها منكرا وقد كان المصطفى ﷺ يلبس ما وجد فلبس الكتان والصوف والقطن وما الهدي إلا هديه وما الأفضل إلا ما سنه وهو لبس ما تيسر من الوسط المعتدل صوفا تارة وقطنا طورا وكتانا أخرى ولبس البرود اليمانية والأحمر والجبة المكفوفة بالديباج والقباء والقميص والإزار والرداء والشعر الأسود وأرخى العذبة تارة وتركها أخرى وتقنع تارة وتركه أخرى ولبس عمامة بيضاء تارة وسوداء أخرى وتحنك مرة وتركه إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور وبهذا علم أنه لا تعارض بين هذا الخبر وبين الخبر الآتي عليكم بلباس الصوف إلى آخره لأن ما هنا في ملازمة زي واحد وذاك في لبس الصوف أحيانا أو يقال التحذير عن لبسه للشهرة والإذن في لبسه بقصد إذلال النفس وقهرها
(أبو عبد الرحمن) محمد بن الحسين (السلمي) الصوفي (في) كتاب (سنن الصوفية) نقل الذهبي وغيره عن الخطيب عن القطان أنه كان يضع للصوفية وفي اللسان كأصله أنه ليس بعمدة ونسبه البيهقي للوهم (فر) من حديث السلمي هذا (عن عائشة) ﵂ قال في الأصل وضعفه وفيه أحمد بن الحسين الصفار كذبوه
٢٤٩ - (احذروا صفر) بضم فسكون (الوجوه) أي الأناسي المصفرة وجوههم أي احذروا مخالطتهم واجتنبوا عشرتهم (فإنه) أي ما بهم من الصفرة (إن لم يكن) ناشئا (من علة) أي مرض قال في المصباح: العلة المرض الشاغل (أو سهر فإنه) يكون (من غل) بكسر المعجمة غش وحقد (في قلوبهم) زاده إيضاحا إذ الغل ليس إلا في القلب (للمسلمين) لأن ما أخفت الصدور يظهر على صفحات الوجوه وذلك مدرك بنور الفراسة الإيمانية ويظهر أن المراد به قوم مخصوصون من أهل زمنه من أهل النفاق أو اليهود لا مطلقا لقولهم إن أشرف الألوان الأبيض المشرب بحمرة أو صفرة وأن المشرب بصفرة هو لون أهل الجنة والعرب تتمدح به في الدنيا كما في لامية امرئ القيس وغيرها <فائدة> قال العارف الخواص أرباب الأحوال يعرفون الصالحين بصفرة الوجوه مع سواد البشرة وسعة العيون وخفض الأصوات وأما الكمل فلا يعرفهم إلا من عرف الله وفي إشعاره تحذير من إضمار السوء للمسلمين خوف الفضيحة والعذاب في العقبى
(فر عن ابن عباس) وفيه زيد بن حبان ذكر في اللسان عن ابن حبان أنه يخالف في حديثه وأخرجه أيضا أبو نعيم في الطب بسند واه عن أنس وبه يعرف أن قول ابن حجر لم أقف له على سند إن أراد ثابت جيد فمسلم وإلا فقد علمت وروده
٢٥٠ - (احذروا البغي) أي احترسوا من فعله (فإنه) أي الشأن (ليس من عقوبة هي أحضر) أي أسرع وقوعا (من عقوبة ⦗١٩٠⦘ البغي) فإنه يعجل جزاؤه في الدنيا سريعا قال الحراني: والبغي السعي بالقول والفعل في إزالة نعم الله تعالى عن خلقه بما اشتملت عليه ضمائر الباغي من الحسد
(عد وابن النجار) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه
1 / 189