134

Al-Fawātiḥ al-ilāhiyya waʾl-mafātiḥ al-ghaybiyya al-mūḍiḥa liʾl-kalim al-Qurʾāniyya waʾl-ḥikam al-Furqāniyya

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية

Publisher

دار ركابي للنشر - الغورية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

مصر

لو لقيتم إياهم ما بقيتم قال له ابو سفيان ويلك ما تقول قال والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل قال فو الله لقد اجمعنا للكرة عليهم لنستأصل بقيتهم قال فانى والله لقد أنهاك عن ذلك فالقى الله في قلوبهم الرعب فرجعوا مستوحشين لذلك قال سبحانه في حق المؤمنين لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ببذل الروح في سبيل الله بالخروج مع رسول الله مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا عن مخالفة امر الله ورسوله أَجْرٌ عَظِيمٌ لا اجر أعظم منه الا وهو الفوز بالبقاء الأبدي السرمدي وهم من كمال ايمانهم
هم الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ المخبرون لهم ترحما وتحذيرا إِنَّ النَّاسَ يعنى أبا سفيان وأصحابه قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ليكروا عليكم ويستأصلوكم فَاخْشَوْهُمْ حتى لا يلحقكم ضررهم ثانيا فَزادَهُمْ قول المخبرين الناصحين إِيمانًا اطاعة وانقيادا وتسليما ورضا على حكم الله ورسوله وَقالُوا في جوابه من غاية تفويضهم وتسليمهم حَسْبُنَا اللَّهُ وكافينا يكفينا عنايته لنا في حياتنا ومماتنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ هو سبحانه لعموم مصالحنا نفوض أمورنا كلها اليه ونعتصم به من سخطه وغضبه. ثم لما فوضوا أمورهم الى الله واعتصموا له واستنصروا منه وتوكلوا عليه قذف الله في قلوب أعدائهم الرعب فهربوا
فَانْقَلَبُوا يعنى هو ﷺ وأصحابه من حمراء الأسد بِنِعْمَةٍ عظيمة فائضة مِنَ اللَّهِ وهي تصبرهم على ما أصابهم في إعلاء كلمة الحق وَفَضْلٍ زيادة عطاء تفضلا وامتنانا لتحققهم بمقام الرضا بعموم ما أصابهم من القضاء وذلك انهم لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ أصلا بعد ما أصاب لهم يوم احد بل ما صاروا بعد ذلك إلا غالبين دائما على الأعداء وَما ذلك الا انهم قد اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ ورضا رسول الله بلا ميل منهم الى مقتضيات نفوسهم وَبالجملة اللَّهِ المجازى لعموم عباده ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ولطف جسيم على من هو من اهل الرضا والتسليم
واعلموا ايها المؤمنون المفوضون المسلمون إِنَّما ذلِكُمُ المخبرون المخوفون لكم هم الشَّيْطانُ واتباعه إذ ما يُخَوِّفُ الشيطان من الأعداء الا أَوْلِياءَهُ وهم المنافقون فَلا تَخافُوهُمْ أنتم ايها المؤمنون إذ الله معكم يحفظكم عما يضركم وَخافُونِ من اطاعة الشيطان ومتابعته حتى لا يلحقكم غضى إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ موقنين بقدرتي على عموم الانعام والانتقام
وَبالجملة لا يَحْزُنْكَ يا أكمل الرسل ضرر الَّذِينَ يُسارِعُونَ ويوقعون أنفسهم فِي الْكُفْرِ سريعا من المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم إِنَّهُمْ بسبب كفرهم لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا بل ضرر كفرهم انما يعود إليهم ويلحق بهم إذ يُرِيدُ اللَّهُ المقدر لكفرهم أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ لذلك وفقهم على الكفر وَهيأ لَهُمْ فيها عَذابٌ عَظِيمٌ هو عذاب الطرد والخذلان والحسرة والحرمان جزاء لكفرهم ونفاقهم
ثم برهن عليه سبحانه بقوله إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا واستبدلوا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ من شدة نفاقهم لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ الغنى بذاته شَيْئًا بهذا الاستبدال والاختيار بل وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مولم في الدنيا بالقتل والسبي والاجلاء وفي الآخرة بالحرمان عن رتبة الإنسان
وَبالجملة لا يَحْسَبَنَّ يا أكمل الرسل الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ اى امهالنا إياهم في النشأة الاولى خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ولهم فيه نفع وفائدة بل إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْمًا موجبا للعذاب وَلَهُمْ في النشأة الاخرى عَذابٌ مُهِينٌ مذل مخز جزاء لاستكبارهم وعتوهم في الدنيا.
ثم لما اختلط المنافقون مع المؤمنين وتشاركوا معهم في اظهار الايمان والقول به على طرف

1 / 135