مُخَاطَبٌ بالإخراج خطاب تكليف، وكذلك ضمان مُتْلفهما ونحوهما كالنائم، ومنه أيضًا كما سبق صحة صلاة الصبي وصومه وحجِّه وسائر عباداته وإثابته عليها. وسيأتي لذلك مَزِيدُ بيان.
فإنْ قُلْتَ: هل يقال في مِثل ذلك: (إنه وَجَب على غَيْر المكلَّف) أو: (وَجَبَ في مالِه)؟
قلتُ: حكى المتولي وغيره من أصحابنا أنه لا يقال: (وَجَب على الصبي والمجنون الزكاة) مَثَلًا، وإنما يقال: (يَجِب في مالهما). ولَمْ يَمتنع قَوْمٌ من إطلاق ذلك، لا على معنى تكليفهما، بل على معنى تكليف مَن يَقُوم مقامهما عنهما فيه، وهو ما صححه القاضي حسين والروياني حتى قال: إنَّ الأول غَلَط. ولكن الذي يظهر رجحانُ الأول؛ لأنه الحقيقة، وهذا مجاز بتأويل.
وقولي: (فَافْطَنْ لِمَا ضُمِّنَ فِي التَّعْرِيفِ) أَيْ: تَفَطَّن لِكُل قَيْدٍ ذُكِرَ في تعريف "الحُكْم"، فإنه تخرج منه مسائل الفصل كلها كما ستراها، وبه ينضبط ارتباط المسائل و[مناسباتُ] (^١) وَضْعها، [ولا] (^٢) تنتشر ولا تختلط. وهو بِكَسْر الطاء وفتحها؛ لأنَّ ماضيه "فَطنَ" بالفتح والكسر، فَعَلَى الفتح في الماضي يجيء الكسر في المضارع، وبالعكس، والله أعلم.
ص:
٧٨ - مِن ذَاكَ مَا يُعْلَمُ أنَّ العَقْلَ ... لَيْسَ بِحُكْمٍ يَسْتَقِلُّ أَصْلَا
٧٩ - إذْ لَيْسَ مُدْرِكًا لِمَا فِي الْفِعْلِ ... مِنْ حُسْنٍ اوْ قُبْحٍ بِدُونِ نَقْلِ
٨٠ - مِنْ حَيْثُ مَا يُمْدَحُ أَوْ يُذَمُّ ... لَكِنْ بِمَعْنَى "وَفْقِ طَبْعٍ" يَسْمُو