بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين.

(وبعد) فيقول الأقل الأذل (محمد باقر بن محمد أكمل): (1) انى لما تنبهت بفكري الفاتر على تحقيقات في الرجال وعثرت بتتبعي القاصر على إفادات من العلماء العظام والأقوال وكذا على فوائد شريفة فيه وفى غيره مثل انى وجدت توثيق بعض الرجال المذكورين فيه وغير المذكورين فيه أو مدحه أو سبب قوة، قوله وجدتها من الرجال ومن غيره لم يتوجه إليها علماء الرجال في الرجال أو توجهوا لكن في غير ترجمته فلم يتفطن بها القوم إلى غير ذلك من الفوائد أحببت تدوينها وضبطها وجعلها علاوة لما ذكروا وتتمة لما اعتبروا فلذا جعلت تدويني تعليقة وعلقت على (منهج المقال) من تصنيفات الفاضل الباذل العالم الكامل السيد الأوحد

Page 1

الأمجد مولانا (ميرزا محمد - قدس الله سره - لما وجدت من كماله وكثرة فوائده ونهاية شهرته وهذه وان علقت عليه الا انها عامة النفع والفائدة والله ولى العائدة ولنقدم فوائد:

(الفائدة الأولى) في بيان الحاجة إلى الرجال.

(إعلم) أن الأخباريين نفوا الحاجة إليه لما زعموا من قطعية صدور الأحاديث، ونحن في رسالتنا في الاجتهاد والاخبار (1) قد أبطلناه بما لا مزيد عليه وأثبتنا عدم حجية الظن من حيث هو بل والمنع عنه كذلك وان ما ثبت حجيته هو ظن المجتهد بعد بذل جهده واستفراغ وسعه في كل ماله دخل في الوثوق وعدمه وأزلنا الحجاب وكشفنا النقاب فليرجع إليها من يطلب الصواب ولا شبهة ان الرجال له دخل فيها ولو سلمت القطعية فلا شبهة في ظنيتها متنا مضافا إلى اختلالات كثيرة ولا ريب ان رواية الثقة الضابط امتن وأقوى على أن جل الأحاديث متعارضة ويحصل من الرجال أسباب الرجحان والمرجوحية ولم يجزم بحجية المرجوح مع أن في الجزم بحجية المتعارض من دون علاج تأملا ولذا ترى أصحاب الأئمة والقدماء من الفقهاء والمتأخرين منهم كانوا يتحيرون عند الاطلاع على المعارض فيسعون في العلاج ثم يعملون ومن هنا ترى الأصحاب كانوا يسألون الأئمة (ع) عن العلاج وكانوا يعالجونهم ثم في الجزم بكون التخيير علاجا وتجويز البناء عليه مع التمكن من المرجحات

Page 2

من العدالة وموافقة الكتاب والسنة وغير ذلك أيضا تأمل وما دل عليه فمع ضعف الدلالة معارض بما هو أقوى دلالة بل وسندا أيضا وهو في غاية الكثرة والشهرة ثم إنه مع الضعف والمرجوحية غير معمول به عند الرواة وأصحاب الأئمة عليهم السلام كما يظهر من الرجال؟؟ وكتب الحديث بل وعند قدماء الفقهاء أيضا الا ما شذ منهم كالكليني لشبهة، بل ولا يفهم كلامه عند ذكر شبهة لنهاية فساد ظاهره.

(هذا كله) مع المفاسد المترتبة على التخيير مطلقا سيما في المعاملات مع أن الخبر المرجوح لم يجزم بحجيته على أن حجية المتعارض من دون علاج وكون التخيير يجوز البناء عليه كما أشير إليه وكون المستند ما دل عليه (دور).

(وبالجملة) بعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الراجح نجزم بالعمل وبدونه لا قطع على العمل فتأمل.

وتحقيق ما ذكر يطلب من الرسالة ويظهر بالتأمل فيها ووجه الحاجة على ما قرر لا يتوجه عليه شئ من الشكوك التي أوردت في نفيها وهو ظاهر من القدماء بل والمتأخرين أيضا الا انهم جعلوا عمدة أسباب الوثوق التي تعرف من الرجال واصلها العدالة من حيث كونها عندهم شرطا للعمل بخبر الواحد ولعل هذا هو الظاهر من كلام القدماء كما يظهر من الرجال سيما وبعض التراجم مثل ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران وأحمد بن محمد بن عبد الله العياشي وجعفر بن محمد بن مالك وسعد ابن عبد الله ومحمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن خالد إلى غير ذلك وسنشير زيادة على ذلك في إبراهيم بن هاشم وقال الشيخ في عدته من شرط العمل بخبر الواحد العدالة بلا خلاف (فان قلت) اشتراطهم العدالة يقتضى عدم عملهم بخبر غير العادل

Page 3

وذلك يقتضى عدم اعتبار غير العدالة من امارات الرجال وحينئذ تنتفى الحاجة إلى الرجال فان تعديلهم من باب الشهادة فرع الفرع غير مسموعة مع أن شهادة علماء الرجال على أكثر المعدلين من هذا القبيل لعدم ملاقاتهم إياهم ولا ملاقاتهم من لاقاهم وأيضا كثيرا ما يتحقق التعارض بين الجرح والتعديل وكذا يتحقق الاشتراك بين جماعة بعضهم غير معدل وأيضا كثير من المعدلين والثقات ينقل انهم كانوا على الباطل ثم رجعوا وأيضا لا يحصل العلم بعدم سقوط جماعة من السند من البين وقد اطلع على كثير من هذا القبيل فلا يحصل للتعديل فائدة يعتد بها وأيضا العدالة بمعنى الملكة ليست محسوسة فلا يقبل فيها شهادة (قلنا) الظاهر أن اشتراطهم العدالة لاجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو من دون حاجة إلى التفتيش والانجبار بشئ كما هو مقتضى دليلهم ورويتهم في الحديث والفقه والرجال فان عملهم باخبار غير العدول أكثر من أن يحصى وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى حتى أنها ربما تكون أكثر من اخبار العدول التي قبلوها فتأمل.

والعلامة رحمه الله رتب خلاصته على قسمين الأول فيمن اعتمد على روايته أو يترجح عنده قبول روايته كما صرح به في اوله ويظهر من طريقته في هذا القسم من اوله إلى اخره ان من اعتمد به هو الثقة ومن ترجح عنده هو الحسن والموثق ومن اختلف فيه الراجح عنده القبول وسيجئ في حماد السمندي ان هذا الحديث من المرجحات لامن الدلائل على التعديل وفى الحكم بن عبد الرحمن ما يفيد ذلك وكذا في كثير من التراجم ونقل عنه في ابن بكير: " ان الذي أراه عدم جواز العمل بالموثق الا ان يعتضد بقرينة وفى حميد ابن زياد فالوجه عندي ان روايته مقبولة إذا خلت عن المعارض فربما ظهر من هذا فرق فتأمل

Page 4

وسنذكر في إبراهيم بن صالح وإبراهيم بن عمر زيادة تحقيق فلاحظ.

وأيضا من جملة كتبه كتاب (الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان) وأيضا قد أكثروا في الرجال بل وفى غيره أيضا من ذكر أسباب الحسن أو التقوية أو المرجوحية واعتنوا بها وبحثوا عنها كما اعتنوا وبحثوا عن الجرح والتعديل ونقل المحقق عن الشيخ أنه قال: " يكفى في الراوي أن يكون ثقة متحرزا عن الكذب في الحديث وان كان فاسقا بجوارحه وان الطائفة الحقة عملت بأحاديث جماعة هذه حالتهم وسنذكر عن عدة الشيخ في الفائدة الثانية ما يدل على عملهم برواية غير العدول مع أنه ادعى فيها الوفاق على اشتراط العدالة لاجل العمل فتأمل.

وعن المحقق في المعتبر أنه قال: " أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر وما فطنوا لما تحته من التناقض فان من جملة الاخبار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ستكثر بعدي القالة علي) وقول الصادق عليه السلام -: (ان لكل رجل منا رجلا يكذب عليه) واقتصر بعض عن هذا الافراط فقال: كل سليم السند يعمل به وما علم أن الكاذب قد يصدق والفاسق قد يصدق ولم يتنبه على أن ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب إذ لا مصنف الا وهو قد يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل وأفرط آخرون في طرق رد الخبر إلى أن قال كل هذه الأقوال منحرفة عن السنن إلى اخر ما قال - (فان قلت): مقتضى دليلهم التثبت في خبر غير العدل إلى أن يحصل العلم.

(قلت): على تقدير التسليم معلوم انهم يكتفون بالظن عند العجز عن العلم في مثل ما نحن فيه لدليلهم الاخر مع أن امارات الرجال ربما يكون

Page 5