Fath Rahman
فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان
Publisher
دار المنهاج
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
لا الإعلام، وعلى هذا: حمل ما نقل عن النص من أنه لو أسر ببعضه .. صح، ولا يجزئ إسماع النفس من المقيم للجماعة؛ كما في الأذان وإن كان الرفع بها أخفض منه كما مر.
والسنة: الالتفات فيهما؛ أي: في الأذان والإقامة إذ حيعلا؛ أي: وقت حيعلته يمينًا في الأولى وشمالًا في الثانية من غير تحويل صدره عن القبلة وقدميه عن مكانهما؛ بأن يلتفت المؤذن عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة) مرتين، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح) مرتين، ويلتفت المقيم عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة)، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح)، والأصل في ذلك: خبر "الصحيحين" عن أبي جحيفة: (رأيت بلالًا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، فيقول يمينًا وشمالًا: حي على الصلاة حي على الفلاح)، وفي رواية لأبي داوود بإسناد صحيح: (فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح .. لوى عنقه يمينًا وشمالًا ولم يستدر)، وفي رواية للترمذي صححها: (وإصبعاه في أذنيه).
وسن الالتفات في الحيعلتين دون غيرهما؛ لأن غيرهما ذكر الله تعالى وهما خطاب الآدمي؛ كالسلام في الصلاة يلتفت فيه دون غيره من الأذكار، وفارق كراهة الالتفات في الخطبة؛ بأن المؤذن داع للغائبين والالتفات أبلغ في إعلامهم، والقصد من الإقامة أيضًا: الإعلام، والخطيب واعظ للحاضرين، فالأدب ألا يعرض عنهم، ولا يلتفت في قوله: (الصلاة خير من النوم) كما اقتضاه كلامهم.
والسنة في المؤذن: أن يكون طاهرًا من الحدث ولو أصغر، ومن الخبث؛ لخبر: "كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" أو قال: "على طهارة" رواه أبو داوود وغيره، وقال في "المجموع": إنه صحيح، ولأنه يدعو إلى الصلاة فليكن بصفة من يمكنه فعلها، وإلا .. فهو واعظ غير متعظ، فيكره أذان المحدث، وأذان الجنب أشد كراهة، وكراهة الإقامة من كل منهما أشد من كراهة الأذان منه، ويجزئ أذان الجنب وإقامته وإن كان في المسجد ومكشوف العورة؛ لحصول الإعلام، والتحريم لمعنى آخر، فإن أحدث ولو حدثًا أكبر في أذانه ..
1 / 291