173

Fath Rahman

فتح الرحمن في تفسير القرآن

Investigator

نور الدين طالب

Publisher

دار النوادر إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلَامِيّةِ

Genres

أتيتُهم، وقد أَهلكتَ خيارَهم، ﴿لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف:١٥٥]، فلم يزلْ يناشدُ ربَّه حتى أحياهم الله رجلًا بعدَ رجل بعد ما ماتوا يومًا وليلة، ينظرُ بعضهم إلى بعضٍ كيف يُحْيون، وذلك قوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)﴾ [٥٦] ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ﴾ أحييناكم، والبعثُ: إثارةُ الشيءِ عن مَحَلِّه، يقال: بعثتُ البعيرَ، وبعثتُ النائمَ فانبعثَ. ﴿مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ قال قتادة: أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقِهم (١)، ولو ماتوا بآجالهم، لم يبعثوا. ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ فِعَالي. ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)﴾ [٥٧] ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ في التيه يَقيكم حرَّ الشمسِ، والغَمامُ جمعُ غمامةٍ، من الغَمِّ، وأصلُه التَّغْطِيَةُ والسَّتْرُ، سُمِّي السحابُ غمامًا؛ لأنه يغطِّي وجهَ الشمس، وذلك أنه لم يكنْ لهم في التيه كِنٌّ يسترُهم، فشكَو إلى موسى ﵇، فأرسل الله غمامًا أبيضَ رقيقًا أطيبَ من غمام

(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٩٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ١١٢).

1 / 109