ونجوا من النار، ويكون الفلاح بمعنى البقاء؛ أي: الباقون في النعيم، وأصل الفلاح: القطعُ والشقُّ، ومنه سمي الزرَّاع فلاحًا؛ لأنه يشق الأرض، فهم المقطوعُ لهم بالخير في الدنيا والآخرة. روي عن يعقوبَ الوقفُ بالهاء على النون المفتوحة نحو (العالمينَ)، و(الذينَ)، و(يؤمنونَ) (١)، و(ينفقونَ)، و(المفلحونَ)، وشبهِه، حيث وقع (٢).
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)﴾
[٦] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني: مشركي العرب، أو اليهود، والكفر: هو الجحود، وأصلُه، من الستر، ومنه سمي الليل كافرًا؛ لأنه يستر الأشياء بظلمته، وسمي الزرَّاع كافرًا؛ لأنه يستر الحبَّ بالتراب، والكافرُ يستر الحقَّ بجحوده، والكفرُ على أربعة أنواع: كفرُ إنكار، وهو ألا يعرف الله أصلًا، ولا يعترف به، وكفر جحود، وهو: أن يعرف الله بقلبه، ولا يقر بلسانه؛ كإبليس، وكفر عناد: أن يعرف الله بقلبه، ويعترف بلسانه، ولا يدين به؛ كأبي طالب، وكفر نفاق، وهو: أن يقر باللسان، ولا يعتقد بالقلب.
﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ أي: متساوٍ عندهم، وقد تقدم في الفاتحة مذهبُ يعقوبَ في ضمِّ هاء (عَلَيْهُم)، وكذلك يضم كل هاء وقعت بعد ياء ساكنة، نحو: (إليهُم)، و(لديهُم) و(عليهُما)، و(إليهُما)، و(فيهُما)، و(عليهُن)،