طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبته ما يكون سببا للإجابة ممن هو المتفرد بالعطاء والمنع، وهو مالك يوم الدين.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن الرزية كل الرزية، والبلية كل البلية أمر غير ما ذكرناه من التوسل المجرد، والتشفع ممن له الشفاعة، وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام، وبعض الخواص في أهل القبور، وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء من أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله ﷻ ويفعلون بهم ما لا يفعله إلا الله ﷿ حتى نطقت ألسنتهم مما انطوت عليه قلوبهم، فصاروا يدعونهم تارة مع الله تعالى، وتارة استقلالا، ويصرحون بأسمائهم، ويعظمونهم تعظيم من يملك الضر والنفع، ويخضعون لهم خضوعا زائدا على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربهم في الصلاة والدعاء.
وهذا إذا لم يكن شركا فلا ندري ما هو الشرك، وإذا لم يكن كفرا فليس في الدنيا كفر [٨].
[الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم التمائم]
وها نحن نقص عليك أدلة في كتاب الله -سبحانه-، وفي سنة رسوله ﵌ فيها المنع مما هو دون هذا بمراحل، وفي بعضها التصريح بأنه شرك، وهو بالنسبة إلى هذا الذي ذكرناه يسير حقير، وبعد ذلك نعود إلى الكلام على مسألة السؤال. فمن ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده (١) بإسناد لا بأس به عن عمران بن حصين أن النبي ﵌ رأى رجلا بيده حلقة من صفر، فقال (ما هذه؟) قال: من الواهنة، قال: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا، ولو مت وهي عليك ما
(١) (٤/ ٤٤٥).
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (٣٥٣١) والحاكم (٤/ ٢١٦) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وهو حديث ضعيف لأن الحسن لم يسمع من عمران بن الحصين كما في المراسيل (ص ٤٠).