Fatḥ al-Qadīr sharḥ al-Hidāya
فتح القدير شرح الهداية
Publisher
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Edition
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
مصر
Genres
•Hanafi jurisprudence
ثُمَّ مَا يَمْنَعُ النَّتْنَ وَالْفَسَادَ فَهُوَ دِبَاغٌ وَإِنْ كَانَ تَشْمِيسًا أَوْ تَتْرِيبًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ غَيْرِهِ
، ثُمَّ مَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدَّبَّاغِ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ لِأَنَّهَا تَعْمَلُ عَمَلَ الدَّبَّاغِ فِي إزَالَةِ الرُّطُوبَةِ النَّجِسَةِ، وَكَذَلِكَ يَطْهُرُ لَحْمُهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا.
ــ
[فتح القدير]
«أَنَّهُ ﷺ كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ» الْحَدِيثَ. فَفِي هَذَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ الدَّاخِلِينَ وَهُمْ مَجْهُولُونَ.
وَأَمَّا فِي الْمَتْنِ فَفِي رِوَايَةٍ بِشَهْرٍ، وَفِي أُخْرَى بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَفِي أُخْرَى بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي صُحْبَةِ ابْنِ عُكَيْمٍ، ثُمَّ كَيْفَ كَانَ لَا يُوَازِي حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّحِيحَ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ التَّرْجِيحِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيًّا فِي مُعَارَضَتِهِ لِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمٌ لِغَيْرِ الْمَدْبُوغِ وَبَعْدَهُ يُسَمَّى شَنًّا وَأَدِيمًا.
وَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ «هَكَذَا كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيِّتَةِ فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيِّتَةِ بِجِلْدٍ وَلَا عَصَبٍ» فِي سَنَدِهِ فَضْلَةُ بْنُ مِفْضَلٍ مُضَعَّفٌ: وَالْحَقُّ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ لَوْلَا الِاضْطِرَابُ، فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَنْتَفِعُ بِجِلْدِ الْمَيِّتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسْتَقْذَرٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ) فَخَرَجَ مَا جَفَّ وَلَمْ يَسْتَحِلْ فَلَا يَطْهُرُ، وَالْإِلْقَاءُ فِي الرِّيحِ كَالتَّشْمِيسِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا هِيَ دُبِغَتْ تُرَابًا كَانَ أَوْ رَمَادًا أَوْ مِلْحًا أَوْ مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يَزِيدَ صَلَاحُهُ» وَفِيهِ مَعْرُوفُ بْنُ حَسَّانٍ مَجْهُولٌ، وَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ كَافٍ.
(قَوْلُهُ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ) إنَّمَا يَطْهُرُ الْجِلْدُ بِالذَّكَاةِ إذَا كَانَتْ فِي الْمَحِلِّ مِنْ الْأَهْلِ، فَذَكَاةُ الْمَجُوسِيِّ لَا يَطْهُرُ بِهَا الْجِلْدُ بَلْ بِالدَّبْغِ لِأَنَّهَا إمَاتَةٌ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ إنَّهُ يَطْهُرُ جِلْدُهُ لَا لَحْمُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُونَ كَصَاحِبِ الْغَايَةِ وَصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ سُؤْرَهُ نَجِسٌ وَنَجَاسَةُ السُّؤْرِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِ اللَّحْمِ، وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا يَطْهُرَ الْجِلْدُ
1 / 95