بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أزال ظلم الجهل بأنوار العلوم ،ووقف بفضله من شاء لمعرفة المنطوق والمفهوم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الذي أوضح الله به كل مشكل ، وعلى آله وأصحابه القامعين لأهل الضلال ،وبهم الزيغ أبطل .
أما بعد ...
فالمقصود بيان مرجع الضمير والإشارة في قول بعض الناس : وهوكذلك ، مجيبا لمن قال : أنا أحبك ، مزيلا للإلباس ، ومتبعا ذلك بالكلام على العطف ، وما يتعلق بالتركيب ؛ ليكون ذلك تحفة لكل حاذق عاقل لبيب أديب ، وسميته فتح المالك بما يتعلق بقول الناس وهوكذلك .
اعلم أن الضمير راجع للنسبة الكلامية، والإشارة راجعة للنسبة الخارجيةوالمعنى وإخبارك بثبوت المحبة لازم مثل ثبوتها في الخارج ، كذا أفاده بعض مشايخنا ، وجوز بعض آخر ذالك، وزاد وجها ، وهو أن الضمير / راجع للنسبة الخلرجية ، والإشارة 2 ب للنسبة الكلامية ، والتقدير والواقع ثبوت المحبة لك، كما أخبرت ، انتهى .
Page 1
وقال استاذنا علامةعصره ، ووحيد دهره ، سيدنا الشيخ محمد الحفناوي (¬1) : إن الضمير والإشارة راجعان للحال والصفة ، والتقدير : وهو أي حالي القائم بي مثل ذلك ، أي حالك ووصفك القائم بك من الحب الذي ذكرته ، انتهى .
Page 2
قلت : ويصح أن يكون في الكلام التفات من التكلم للغيبة ، والأصل وأنا أحبك ، كما في قوله تعالى : [وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ] (¬2) والمشهور عند الجمهور أن الالتفات هو التعبير عنمعنى بطريق من الطرق الثلاثة بعد التعبير عنه بطريق آخر منها ، بشرطأن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يقتضيه الظاهر ، ويترقبه السامع ؛ ليخرج نحو أنا زيد ، وأنت عمرو ، ونحن اللذون صبحوا / الصباحا (¬3) ، والنكتة فيه أن 3 أالكلام إذا نقل من أسلوب إلى آخر كانأحسن ، وأشهى للقلب ، وألذ للسمع ، وأكثر إصغاء إليه ؛ لما فيه من التنقل ، ولا يكون في جملة ، بل في جملتين ، كما أفاد السيوطي ، فإن قلت : ما هنا هو على طريق السكاكي ، أو غيره ، قلت :هوظاهر على طريق السكاكي ، ويصح أنيكون على كلام الجمهور تنزيلا للكلامينمنزلة الكلام الواحد ، إذ المقصود منهما الإخبار بثبوت المحبة ، فإن قلت : ما النكتة في العدول من التكلم إلى الغيبة ؟ قلت : ليكون في الكلام نوع بديعي ، وهوما تقدم ، وللإشارة إلى أنه لا ينبغي للمتكلم الإتيان بلفظأنا ؛ لإشعارها بالعظمة ، وقدأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من قال بعدما استأذن عليه وقال من ؟ فقال : أنا ، فجعل عليه الصلاة والسلام يقول : ( أنا أنا ) إنكارا عليه (¬1) ، فإن قلت : قد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر) (¬2) / قلت 3ب الإنكار إنما كان خوفا من تسويل الشيطان له بالكبر ونحوه ، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من ذلك ، وأيضا هو مأمور بالتحدث بالنعمة ، قال الله تعالى :[ وأما بنعمة ربك فحدث ] (¬3) ، فأخبر أنه في نفسه عظيم ، وذلك بتعظيم الله له ، وفيه إشارة إلى أن قول المرء : أنا ، ليس بحرام ، فقد ظهر لك رقة الإلتفات ، فلا عبرة بقول من نفاه ، ولا التفات .
وقد ارتضى ذلك جميع المشايخ الأعلام ، وهوبمكان من اللطف خلافا لما سرى إلى بعض الأقوام (¬4) ، وأنه لا يتعين الوجه الأول ، والله أعلم ، وعليه المعول .
Page 3
Page 4
Page 5