Fath Majid
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
Investigator
محمد حامد الفقي
Publisher
مطبعة السنة المحمدية،القاهرة
Edition Number
السابعة
Publication Year
١٣٧٧هـ/١٩٥٧م
Publisher Location
مصر
Genres
Creeds and Sects
اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة أو الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك١ والمراد به هنا الاجتماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية. فالعيد يجمع أمورا منها يوم عائد، كيوم الفطر ويوم الجمعة، ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا. فالزمان كقول النبي صلي الله عليه وسلم في يوم الجمعة: " إن هذا يوم قد جعله الله للمسلمين عيدا " ٢. والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس: " شهدت العيد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم "٣ والمكان كقول النبي صلي الله عليه وسلم: " لا تتخذوا قبري عيدا " ٤. وقد يكون لفظ العيد اسما لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب، كقول النبي صلي الله عليه وسلم " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا " ٥ انتهى٦.
_________
١ وهي التي يسميها الناس اليوم الموالد والذكرانات التي ملأت البلاد باسم الأولياء، وهي نوع من العبادة لهم (*) وتعظيمهم. ولذلك لا يذكر الناس ويعرفون إلا من أقيمت له هذه الذكرانات ولو كان أجهل خلق الله وأفسقهم. فكلما كسدت سوق طاغوت من هؤلاء قام السدنة بهذا العيد لتحيا في نفوس العامة عبادته وتكثر الهدايا والقرابين باسمه. وقد امتلأت البلاد الإسلامية بهذه الذكرانات، وعمت بها المصيبة وعادت بها الجاهلية إلى بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولم ينج منها إلا نجد والحجاز فيما نعلم بفضل الله ثم بفضل آل سعود الذين قاموا بحماية دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب.
٢ ابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٩٨)، ومالك: الطهارة (١٤٦) .
٣ البخاري: الجمعة (٩٦٢)، ومسلم: صلاة العيدين (٨٨٤،٨٨٦)، والنسائي: صلاة العيدين (١٥٦٩)، وأبو داود: الصلاة (١١٤٢)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٣)، وأحمد (١/٢٢٠،١/٢٢٦،١/٢٣٢،١/٢٨٦،١/٣٣١،١/٣٤٥،١/٣٦٨)، والدارمي: الصلاة (١٦٠٣،١٦١٠) .
٤ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٨٠)، والترمذي: فضائل القرآن (٢٨٧٧)، وأبو داود: المناسك (٢٠٤٢)، وأحمد (٢/٣٦٧) .
٥ البخاري: كتاب العيدين (٩٥٢): باب سنة العيدين لأهل الإسلام. ومسلم كتاب صلاة العيدين (٨٩٢) (١٦): باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد من حديث عائشة ﵂.
٦ في قرة العيون: وقد أحدث هؤلاء المشركون أعيادا عند القبور التي تعبد من دون الله ويسمونها عيدا كمولد البدوي بمصر وغيره، بل هي أعظم لما يوجد فيها من الشرك والمعاصي العظيمة. قال المصنف - رحمه الله تعالى -: وفيه استفصال المفتي والمنع من الوفاء بالنذر بمكان عيد الجاهلية ولو بعد زواله. قلت: وفيه المنع من اتخاذ آثار المشركين محلا للعبادة؛ لكونها صارت محلا لما حرم الله من الشرك والمعاصي، والحديث وإن كان في النذر فيشمل كل ما كان عبادة لله فلا نفعل في هذه الأماكن الخبيثة التي اتخذت محلا لما يسخط الله تعالى، فبهذا صار الحديث شاهدا للترجمة والمصنف - رحمه الله تعالى - لم يرد التخصيص بالذبح وإنما ذكر الذبح كالمثال. وقد استشكل جعل محل اللات بالطائف مسجدا. والجواب والله أعلم: أنه لو ترك هذا المحل في هذه البلدة لكان يخشى أن تفتتن به قلوب الجهال فيرجع إلى جعله وثنا، كما كان يفعل فيه أولا فجعله مسجدا والحالة هذه ينسى فيها ما كان يفعل فيه ويذهب به أثر الشرك بالكلية، فاختص هذا المحل لهذه العلة وهي قوة المعارض والله أعلم. (*) قوله: (وهي نوع من العبادة لهم) إلخ. أقول: هذا فيه إجمال، والصواب التفصيل بأن يقال: من أقام المولد لقصد التقرب إلى صاحبه ورجاء نفعه وبركته، أو لكي يدفع عن مقيم المولد بعض الضرر ونحو ذلك، فهذا تعتبر إقامته المولد عبادة لصاحبه، فإن دعاه مع ذلك أو استغاث به أو نذر له أو ذبح له أو فعل معه شيئا من بقية أنواع العبادة، صار ذلك شركا إلى شرك، وهذا هو الذي يفعله الكثيرون ممن يقيم الموالد للنبي ﷺ، أو للحسين ﵁ أو للبدوي أو غيرهم. أما من أقام المولد لقصد التقرب إلى الله سبحانه ظنا منه أن ذلك من العبادات التي يحبها الله، فهذا لا يكون عابدا لصاحب المولد إذا لم يقع منه شيء من الشرك في احتفال المولد، ولكنه قد أتى بدعة لم يشرعها الله سبحانه ولا رسوله ﷺ، ولا فعلها السلف الصالح ﵃ ولو كان قصده حسنا؛ لأن العبادات توقيفية لا يجوز الإتيان بشيء منها إلا بتشريع من الله ورسوله – ﷺ، ولقد عظمت المصيبة بهذه الموالد وحصل بها من الشرك والفساد ما لا يحصيه إلا الله ﷿، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين ويوفقهم لاتباع السنة وترك البدعة إنه سميع قريب.
1 / 154