Fatḥ al-ʿAlī al-Mālik fīʾl-fatwā ʿalā madhhab al-Imām Mālik
فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك
Publisher
دار المعرفة
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ
Genres
Fatāwā
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَلَّى أَهْلَ السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِتَوْحِيدِهِ وَشَرَّفَهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ بِتَصْدِيقِ أَشْرَفِ عَبِيدِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَسَافَةُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ قَالَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي الْهَيْئَةِ السَّنِيَّةِ أَخْرَجَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» ثُمَّ قَالَ وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ»
ثُمَّ قَالَ وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مُصَرَّحَةً بِمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَجَّلَ لِمَنْ شَكَّ فِيمَا قَالُوهُ أَوْ كَذَّبَ بِهِ خِزْيَ الدُّنْيَا وَشَدَّدَ عَلَيْهِ عَذَابَ الْآخِرَةِ بِعَدْلِهِ، وَالْمَرْئِيُّ لَنَا حَقِيقَةُ تِلْكَ السَّمَاءِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْعِيَانِ بَيَانٌ ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦] بَلْ نَرَى حَقِيقَةَ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا بِأَضْعَافٍ كَزُحَلٍ فَإِنَّهُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَسُمْكُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي الْهَيْئَةِ السَّنِيَّةِ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بُرَّةَ قَالَ لَيْسَتْ السَّمَاءُ مُرَبَّعَةً وَلَكِنَّهَا مَقْبُوَّةٌ يَرَاهَا النَّاسُ خَضْرَاءَ انْتَهَى فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ الْمَرْئِيَّ لَنَا حَقِيقَةُ تِلْكَ السَّمَاءِ وَالنَّوْعُ الَّذِي خُلِقَتْ مِنْهُ السَّمَاءُ الدُّنْيَا الدُّخَانُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقُرْآنُ وَصَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي الْهَيْئَةِ السَّنِيَّةِ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا غَيْرَ مَا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَخْرَجَ مِنْ الْمَاءِ دُخَانًا فَارْتَفَعَ فَوْقَ الْمَاءِ فَسَمَا عَلَيْهِ فَسَمَّاهُ سَمَاءً ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَذَلِكَ الدُّخَانُ مِنْ تَنَفُّسِ الْمَاءِ حِينَ تَنَفَّسَ فَجَعَلَهَا سَمَاءً وَاحِدَةً ثُمَّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ سَمَوَاتٍ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.
ثُمَّ قَالَ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ السَّمَاءُ قَالَ هَذِهِ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ عَنْكُمْ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
1 / 16