282

Fatḥ al-bayān fī maqāṣid al-Qurʾān

فتح البيان في مقاصد القرآن

Publisher

المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر

Publisher Location

صَيدَا - بَيروت

Regions
India
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)
(وتب علينا) أي تجاوز عنا والمراد بالتوبة التثبيت، لأنهما معصومان لا ذنب لهما وقيل المراد وتب على الظلمة منا (إنك أنت التواب) أي المتجاوز عن عباده (الرحيم) بهم.
(ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم) ضمير فيهم راجع إلى الأمة المسلمة المذكورة سابقًا وقرأ أبىّ في آخرهم، ويحتمل أن يكون الضمير راجعًا إلى الذرية وهم العرب من ولد إسماعيل، وقد أجاب الله لإبراهيم ﵇ هذه الدعوة فبعث في ذريته رسولًا منهم وهو محمد ﵌، وقد أخبر عن نفسه أنه دعوة إبراهيم كما أخرجه أحمد من حديث العرباض بن سارية (١) وغيره (٢) ومراده هذه الدعوة، وقد أجمع على ذلك المفسرون، لأن إبراهيم إنما دعا لذريته وهو بمكة ولم يبعث من ذريته بمكة غير محمد ﵌، فدل على أن المراد به محمد ﵌، والرسول هو المرسل، قال ابن الإنباري: يشبه أن يكون أصله ناقة مرسال ومرسلة إذا كانت سهلة السير ماضية أمام النوق، ويقال جاء القوم أرسالًا أي بعضهم في إثر بعض.
(يتلو عليهم آياتك) وهو القرآن (ويعلمهم الكتاب) أي معاني

(١) أحمد بن حنبل ٤/ ١٢٧ - ١٢٨ ٥/ ٢٦٢.
(٢) قوله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم) في الهاء والميم من (فيهم) قولان. أحدهما: أنها تعود على الذرية، قاله مقاتل والفراء: على أهل مكة في قوله: (وارزق أهله) والمراد بالرسول: محمد ﷺ. وقد روى أبو أمامة عن النبي ﷺ، أنه قيل: يا رسول الله! ما كان بدء أمرك؟ قال: " دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام " رواه أبو داود الطيالي وأحمد في " المسند " عن أبي أمامة، وفي مسنده الفرج بن فضالة، وهو ضعيف، وجاء الحديث بمعناه في " مسند أحمد " عن العرباض بن سارية، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر.

1 / 284