٢٣ - وسَوْفَ تَرَاهُمْ وَاحِدًَا بَعْدَ واحِدٍ … مَع اثْنَينِ مِنْ أصْحَابِهِ مُتَمَثِّلا
يعني: البدور تراهم مرتين، ويقال: مَثَل قائمًا وتمثَّل يريد سأذكرهم في النظم، فتراهم كذلك، وقد اصطلح الناس على تسمية الأتباع أصحابًا كما يقولون: أصحاب الشافعي، وأبي حنيفة، فقوله: «من أصحابه» حقيقةٌ في بعضهم ومجازٌ في الآخرين، وأصحاب: جمع صحبٍ، وواحد: صحب. صاحب، كراكب وركب، وهومأخوذٌ من الموافقة.
وفي الحديث: «وددتُ أني رأيت إخواننا فقالوا: يارسول الله ألسنا إخوانك، قال: بل أنتم أصحابي» (^١).
٢٤ - تَخَيَّرَهُمْ نُقَّادُهُمْ كُلَّ بارِعٍ … وَلَيْسَ عَلَى قُرْآنِهِ مُتَأَكِّلا
الناقد: مَنْ له حذق، وجودة نظرٍ يتميز الجيد من الرديء، والجمع نقاد، وفلان ينقد بصره إلي، أي: ينظر، والبارع الذي فاق أضرابه يقال: بَرَع، وبَرُع فهو بارع، ويقال: تآكل البرق والسيف، أي: هاج لمعانه أي: لم ينتصب ظاهر الشعاع كالبرق والسيف لأهل الدنيا بالقرآن، فيجعله وصلةً إلى دنياهم، ويقال أيضًا: تآكلت النار: إذا هاجت، فأكل بعضها بعضًا: أي: لم يكثر الحرص والهيجان على الدنيا، والتأكل أيضًا بالقرآن الذي يجعله سببًا للأكل.
٢٥ - فأمَّا الكَرِيمُ السِرِّ في الطِّيبِ نَافعٌ … فَذَاك الذِّي اختَارَ المدِينةَ مَنْزِلا
هو نافعُ بن أبي نعيم مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب ﵁، والجعونة: فعولة إن كان مأخوذًا من الجعن، وهو استرخاء
(^١) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، وقد تقدم تخريجه في ص ٥٣.