فإن أبيت فاترك مجالسته عساك تسلم مِنْ لعنه. وراحة القرآن منك خيرٌ من مخالطته على هذه الحال، فالوحدة خيرٌ من جليس السوء. وتأمل ما ورد في الحديث: «مَنْ لَمْ يدعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ فليس لله حاجةٌ في أن يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ» (^١).
وعن قتادة: ما جالس أحدٌ هذا القرآن إلا قام عنه بزيادةٍ أو نقصان؛ وذلك أن الله تعالى يقول: ﴿ونُنَزِّلُ مِنَ القرآنِ ما هو شِفَاءٌ وَرَحمةٌ للمؤْمِنِينَ وَلايَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًَا﴾ (^٢).
وقد قال رسول الله ﷺ: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» (^٣)، وقال ﷺ: «إنَّ من إجلال الله ﷿ إجلالَ ذي الشيبة المسلم، وإجلالَ حاملِ القرآن غيرِ الغالي فيه، ولا الجافي عنه» (^٤).
ولظنون فساد أحوال القرَّاء قيل: الغيبة فاكهة القراء.
(^١) انظر: صحيح البخاري كتاب الصيام ٢/ ٣٢٦، والترمذي باب ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم ٣/ ٨٧.
(^٢) الآية (٨٢) من سورة الإسراء.
(^٣) الذي يتأولونه على غير وجهه، أو يراد بالنفاق هنا الرياء. رواه عقبة ابن عامر. انظر مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر ١٠/ ١٦٢. قال الحافظ العراقي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف. انظر فيض القدير ٢/ ٨٠.
(^٤) رواه أبو داود في سننه ٤/ ٢٦١ ومعنى الجافي: التارك له البعيد عن تلاوته والعمل بمافيه.