56

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

قَالَ (وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ إنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حَالَةَ النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀ خُرُوجُ الْمَنِيِّ كَيْفَمَا كَانَ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِقَوْلِهِ ﵊ «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» أَيْ الْغُسْلُ مِنْ الْمَنِيِّ، وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْهِيرِ يَتَنَاوَلُ الْجُنُبَ، وَالْجَنَابَةُ فِي اللُّغَةِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ، يُقَالُ أَجْنَبَ الرَّجُلُ إذَا
ــ
[فتح القدير]
بَلُّهَا ثَلَاثًا مَعَ كُلِّ بَلَّةٍ عَصْرَةٌ.
وَفِي صَلَاةِ الْبَقَّالِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الذَّوَائِبِ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْقَدَمَيْنِ، وَفِي مَبْسُوطِ بَكْرٍ فِي وُجُوبِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى شُعَبِ عِقَاصِهَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ.
وَالْأَصَحُّ نَفْيُهُ لِلْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ
(قَوْلُهُ وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ) قِيلَ هِيَ تَنْقُضُهُ فَكَيْفَ تُوجِبُهُ. وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: سَبَبُ وُجُوبِ الْغُسْلِ إرَادَةُ مَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ بِالْجَنَابَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ.
وَقِيلَ هِيَ مُوجِبَةٌ لِلْغُسْلِ بِوَاسِطَةِ الْجَنَابَةِ كَقَوْلِنَا شِرَاءُ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ سَبَبُهُ وُجُوبُ مَا لَا يَحِلُّ مَعَ الْجَنَابَةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فِي الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْوُضُوءِ. وَحَاصِلُ مَا يُوجِبُ الْجَنَابَةَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَنْ شَهْوَةٍ وَالْإِيلَاجُ فِي الْآدَمِيِّ الْحَيِّ لَا الْمَيِّتِ وَالْبَهِيمَةِ مَا لَمْ يُنْزِلْ. لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: بَال فَخَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ إنْ كَانَ ذَكَرُهُ مُنْكَسِرًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ.
وَهَذَا بَعْدَ مَا عُرِفَ مِنْ اشْتِرَاطِ وُجُودِ الشَّهْوَةِ فِي الْإِنْزَالِ فِيهِ نَظَرٌ. بِخِلَافِ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي مُسْتَيْقِظٍ وَجَدَ مَاءً وَلَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا، إنْ كَانَ ذَكَرُهُ مُنْتَشِرًا قَبْلَ النَّوْمِ لَا يَجِبُ وَإِلَّا فَيَجِبُ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ مَنِيٌّ عَنْ شَهْوَةٍ لَكِنْ ذَهَبَ عَنْ خَاطِرِهِ، وَمَحْمَلُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَجَدَ الشَّهْوَةَ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ فِي التَّجْنِيسِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَعْنِي حَالَةَ الِانْتِشَارِ وُجِدَ الْخُرُوجُ وَالِانْفِصَالُ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِيلَاجِ فِي الْآدَمِيِّ يَتَنَاوَلُ إيلَاجَ الذَّكَرِ فِي الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَإِيلَاجُ الْأُصْبُعِ.
وَفِي إدْخَالِ الْأُصْبُعِ الدُّبُرَ خِلَافٌ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْهِيرِ يَتَنَاوَلُ الْجُنُبَ) وَالْجَنَابَةُ فِي اللُّغَةِ إنَّمَا تُقَالُ مَعَ الشَّهْوَةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ فَلَا يُوجِبُ فِيهِ حُكْمًا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ. وَالْحَدِيثُ وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَحْمُولٌ عَلَى

1 / 60