29

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إلَّا فِي حَالِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ هُوَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ (وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ) وَهُوَ سُنَّةٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ التَّثْلِيثُ بِمِيَاهٍ مُخْتَلِفَةٍ اعْتِبَارًا بِالْمَغْسُولِ. وَلَنَا أَنَّ أَنَسًا ﵁ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
ــ
[فتح القدير]
فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الشَّرْطَ وُضُوءٌ هُوَ عِبَادَةٌ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ) لِأَنَّ التُّرَابَ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْعًا مُطَهِّرًا إلَّا لِلصَّلَاةِ لَا فِي نَفْسِهِ فَكَانَ التَّطْهِيرُ بِهِ تَعَبُّدًا مَحْضًا، وَفِيهِ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، أَوْ هُوَ: أَيْ التَّيَمُّمُ يُنْبِئُ لُغَةً عَنْ الْقَصْدِ فَلَا يَتَحَقَّقُ دُونَهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَفَسَدَ قِيَاسُهُ عَلَى التَّيَمُّمِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي التَّيَمُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالصَّوَابُ إفْسَادُهُ بِمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا تَكُونَ شَرْعِيَّةُ حُكْمِ الْأَصْلِ مُتَأَخِّرَةً عَنْ حُكْمِ الْفَرْعِ، وَإِلَّا لَثَبَتَ حُكْمُ الْفَرْعِ بِلَا دَلِيلٍ، وَشَرْعِيَّةُ التَّيَمُّمِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَا يُقَاسُ الْوُضُوءُ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي حُكْمِهِ لَكِنْ هَذَا إذَا قَصَدَ الْقِيَاسَ، أَمَّا إذَا قَصَدَ الِاسْتِدْلَالَ بِمَعْنَى لَمَّا شُرِعَ التَّيَمُّمُ بِشَرْطِ النِّيَّةِ ظَهَرَ وُجُوبُهَا فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ بِمَعْنَى لَا فَارِقَ فَلَيْسَ جَوَابٌ إلَّا بِهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ أَنَسًا إلَخْ) غَرِيبٌ، وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ رَاشِدٍ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسًا بِالزَّاوِيَةِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تُوَضِّئُهُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أَنَّهُ أَمَرَّهُمَا عَلَى أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» . قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا لَمْ أَجِدْهُ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ، وَيُضَعِّفُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا

1 / 33