Fatḥ al-Qadīr sharḥ al-Hidāya
فتح القدير شرح الهداية
Publisher
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Edition
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Ḥanafī Law
وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي. أَمَّا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ، وَيَحْسُنُ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ عَزِيمَتِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا يَكْفِيهِ مُطْلَقُ النِّيَّةِ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ سُنَّةً
ــ
[فتح القدير]
عِنْدَ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بَعْدَ النِّيَّةِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَعِبَارَةُ الْمُصَنَّفِ فِي التَّجْنِيسِ: إذَا تَوَضَّأَ فِي مَنْزِلِهِ لِيُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ حَضَرَ الْمَسْجِدَ وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِعَمَلٍ آخَرَ يَكْفِيهِ ذَلِكَ، هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ ﵀ فِي الرُّقَيَّاتِ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَبِعَتْهَا إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ حُكْمًا كَمَا فِي الصَّوْمِ إذَا لَمْ يُبَدِّلْهَا بِغَيْرِهَا اهـ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ: إنْ كَانَ عِنْدَ الشُّرُوعِ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ أَيَّةُ صَلَاةٍ يُصَلِّي يُجِيبُ عَلَى الْبَدِيهَةِ مِنْ غَيْرِ تَفَكُّرٍ فَهِيَ نِيَّةٌ تَامَّةٌ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى التَّأَمُّلِ لَا يَجُوزُ. قُلْت: فَقَدْ شَرَطُوا عَدَمَ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ لِصِحَّةِ تِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَتَخَلَّلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّرُوعِ الْمَشْيُ إلَى مَقَامِ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا. فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِكَلَامٍ أَوْ أَكْلٍ.
أَوْ نَقُولُ: عَدُّ الْمَشْيِ إلَيْهَا مِنْ أَفْعَالِهَا غَيْرُ قَاطِعٍ لِلنِّيَّةِ، وَفِيهَا: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا ﵏ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلشُّرُوعِ وَلَا تَكُونُ شَارِعًا بِمُتَأَخِّرَةٍ، وَعَنْ الْكَرْخِيِّ يَجُوزُ.
وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ، قِيلَ إلَى التَّعَوُّذِ وَقِيلَ إلَى الرُّكُوعِ، وَقِيلَ إلَى الرَّفْعِ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ) قِيلَ لَيْسَ الْعِلْمُ نِيَّةً وَلِذَا لَوْ نَوَى الْكُفْرَ غَدًا كَفَرَ فِي الْحَالِ، وَلَوْ عَلِمَ الْكُفْرَ لَا يَكْفُرُ بَلْ هِيَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَسَّرَهَا بِالْإِرَادَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّرْطَ فِي اعْتِبَارِهَا عِلْمَهُ أَيُّ الصَّلَاةِ هِيَ أَيْ التَّمْيِيزُ، فَحَاصِلُ كَلَامِهِ النِّيَّةُ الْإِرَادَةُ لِلْفِعْلِ وَشَرْطُهَا التَّعْيِينُ فِي الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ وَيُحْسِنُ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ
1 / 266