120

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

يَتَيَمَّمُ) لِمَا تَلَوْنَا، وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي زِيَادَةِ الْمَرَضِ فَوْقَ الضَّرَرِ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِ الْمَاءِ، وَذَلِكَ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَهَذَا أَوْلَى. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ مَرَضُهُ بِالتَّحَرُّكِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ. وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ ﵀ خَوْفَ التَّلَفِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ.
(وَلَوْ خَافَ الْجُنُبُ إنْ اغْتَسَلَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضُهُ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ) وَهَذَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ خِلَافًا لَهُمَا
ــ
[فتح القدير]
الْقِيَامِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُخَافُ عَلَى الْمَرِيضِ زِيَادَةُ الْوَجَعِ فِي قِيَامِهِ وَلَا يَلْحَقُهُ زِيَادَةُ الْحَرَجِ فِي الْوُضُوءِ. قَالَ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ مِنْهَاجَ الْأَئِمَّةِ فِيمَا قَرَأْنَا عَلَيْهِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ. وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا. وَقَالَ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ أَوْ كَانَ فِي فِرَاشِهِ نَجَاسَةٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ عَنْهُ وَوَجَدَ مَنْ يَحُولُهُ وَيُوَجِّهُهُ لَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَعَلَى هَذَا الْأَعْمَى إذَا وَجَدَ قَائِدًا لَا يَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالْحَجُّ وَالْخِلَافُ فِيهِمَا مَعْرُوفٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمُكَلَّفُ قَادِرًا بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُعَدُّ قَادِرًا إذَا اخْتَصَّ بِحَالَةٍ تُهَيِّئُ لَهُ الْفِعْلَ مَتَى أَرَادَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا بَذَلَ الِابْنُ الْمَالَ وَالطَّاعَةَ لِأَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ، وَكَذَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَهُوَ مُعْدَمٌ فَبَذَلَ إنْسَانٌ لَهُ الْمَالَ لِمَا قُلْنَا، وَعِنْدَهُمَا تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ بِآلَةِ الْغَيْرِ لِأَنَّ آلَتَهُ صَارَتْ كَآلَتِهِ بِالْإِعَانَةِ، وَكَانَ حُسَامُ الدِّينِ يَخْتَارُ قَوْلَهُمَا اهـ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَتَيَمَّمُ فِي الْمِصْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُعِينُهُ، وَكَذَا الْعَجْزُ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ بِخِلَافِ مَقْطُوعِهِمَا (قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ خَوْفَ التَّلَفِ) أَوْ شِينَ عَلَى عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَسَوَادِ الْيَدِ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ) إذْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣] الْآيَةُ لَا تُقَيِّدُ فِيهِ بَيْنَ مَرِيضٍ يَخْشَى التَّلَفَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ الزِّيَادَةِ، وَلَوْلَا مَا عُلِمَ قَطْعًا مِنْ أَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ إنَّمَا هُوَ رُخْصَةٌ لِدَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ وَالْحَرَجُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ

1 / 124