109

Fatḥ al-Qadīr sharḥ al-Hidāya

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً وَيَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا قَذَرَ عَلَى مِنْقَارِهَا لَا يُكْرَهُ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ (وَ) سُؤْرُ (مَا يَسْكُنُ الْبُيُوتَ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ) (مَكْرُوهٌ) لِأَنَّ حُرْمَةَ اللَّحْمِ أَوْجَبَتْ نَجَاسَةَ السُّؤْرِ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَتْ النَّجَاسَةُ لِعِلَّةِ الطَّوْفِ فَبَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعِلَّةِ فِي الْهِرَّةِ.
قَالَ (وَسُؤْرُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ) قِيلَ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَكَانَ طَهُورًا مَا لَمْ يَغْلِبْ اللُّعَابُ عَلَى الْمَاءِ،
ــ
[فتح القدير]
وَهَذَا مُخْتَارُ الْحَاكِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَمَّا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَشْرُطْهُ، بَلْ أَنْ لَا تَجِدَ عَذِرَاتِ غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُولُ فِي عَذِرَاتِ نَفْسِهَا، وَالْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجُولُ فِيهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهَا لَا تَأْكُلُهُ بَلْ تُلَاحِظُ الْحَبَّ بَيْنَهُ فَتَلْقُطُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا سُؤْرُ سِبَاعِ الطَّيْرِ) يَعْنِي مَكْرُوهٌ، وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّهَا تُخَالِطُ النَّجَاسَةَ يُفِيدُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ إنْ لَمْ يُشَاهِدْهَا شَرِبَتْ عَلَى فَوْرِهَا، وَالْقِيَاسُ نَجَاسَتُهُ لِنَجَاسَةِ اللَّحْمِ، وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُلَاقِيَ لِلْمَاءِ مِنْقَارُهَا وَهُوَ عَظْمٌ جَافٌّ لَا لِسَانُهَا، بِخِلَافِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ
(قَوْلُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ) كَانَ الشَّيْخُ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ يُنْكِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ كَوْنُ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مَشْكُوكًا فِيهِ بَلْ هُوَ مُحْتَاطٌ فِيهِ. وَفِي النَّوَازِلِ: يَحِلُّ شُرْبُ مَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ الْحِمَارُ. وَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَلَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ بِهَذَا الْقَوْلِ

1 / 113