(فصل في مقدار القراءة في التراويح) اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يقرأ في كل شفع مقدار ما يقرأ في صلاة المغرب لأن التطوع أخف من المكتوبة فيعتبر بأخف المكتوبات وهو المغرب وهذا ليس بصحيح لأن بهذا القدر لا يحصل الختم في التراويح والختم في التراويح مرة واحدة سنة وقال بعضهم يقرأ مقدار ما يقرأ في العشاء لأنها تبع للعشاء وقال بعضهم يقرأ في كل ركعة من عشرين آية إلى ثلاثين وقال بعضهم وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقرأ في كل ركعة عشر آيات وهو الصحيح لأن فيه تخفيفا على الناس وبه تحصل السنة وهي الختم مرة واحدة لأن عدد ركعات التراويح في ثلاثين ليلة ستمائة وآيات القرآن <238> ستة آلاف وشيء فإذا قرأ كل ركعة عشر آيات يحصل الختم في التراويح والفضلية في الختم مرتين ينبغي للإمام وغيره إذا صلى التراويح وعاد إلى منزله وهو يقرأ القرآن أن يصلي عشرين ركعة في كل ركعة عشر آيات للفضيلة وهي الختم مرتين والزهاد وأهل الاجتهاد كانوا يختمون في كل عشر ليال وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه كان يختم في شهر رمضان إحدى وستين ختمة ثلاثين في الأيام وثلاثين في الليالي وواحدة في التراويح وعنه رحمه الله تعالى أنه صلى ثلاثين سنة الفجر بوضوء العشاء وإذا فسد الشفع من التراويح وقد قرأ فيه هل يعتد بما قرأ قال بعضهم لا يعتد ليحصل الختم في الصلوات الجائزة وقال بعضهم يعتد بتلك القراءة لأن المقصود هو القراءة ولا فساد في القراءة ولو عجل الختم له أن يفتتح من أول القرآن في بقية الشهر وإن ختم في التاسع عشر ثم جعل بعد ذلك يصلي العشاء من غير تراويح لا يكره لما ذكرنا أن المقصود هو الختم ويكره أن يعجل بختم القرآن في ليلة إحدى وعشرين أو قبلها إذا كان القوم يملون كلما رتل فهو أحسن وكذا لو قرأ الأنعام في ركعة واحدة كره إذا كان يمل القوم ولو قرأ بعض القرآن في سائر الصلوات بأن كان القوم يملون من القراءة في التراويح فلا بأس به لكن يكون لهم ثواب الصلاة لا ثواب الختم وقد ذكرنا أن السنة هي الختم في التراويح وعن أبي بكر الإسكاف رحمه الله تعالى أن سئل أيجعل الإمام للفريضة قراءة على حدة أو يخلط فيقرأ البعض في التراويح قال يميل إلى ما هو أخف على القوم وسئل أيضا عن الإمام إذا فرغ من التشهد في التراويح أيزيد عليه أم يقتصر قال إن علم أنه لا يثقل على القوم يزيد من الصلوات والإستفغار وإن علم أنه يثقل على القوم لا يزيد وعن بعض المشايخ من لم يكن عارفا بأهل زمانه فهو جاهل ويأتي بالثناء في كل شفع وإذا غلط في القراءة في التراويح فترك سورة أو آية وقرأ ما بعدها فالمستحب له أن يقرأ المتروكة ثم المقروء ليكون على الترتيب قالوا ولا ينبغي للقوم أن يقدموا في التراويح الخوشخوان ولكن يقدمون الدرستخو إن فإن الإمام إذا كان يقرأ بصوت حسن
<239>يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر وكذا لو كان الإمام لحانا لا بأس بأن يترك مسجده وكذا لو كان غيره أخف قراءة من وأحسن والأفضل تعديل القراءة بين التسليمات فإن خالف لا بأس به أما في التسليمة الواحدة لا يستحب تطويل القراءة في الركعة الثانية كما لا يستحب في سائر الصلوات ولو طول الأولى الثانية في القراءة لا بأس به بل المختار ذلك عند محمد رحمه الله تعالى وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى التسوية بين الركعتين كما في الظهر والعصر عندهما وحكى عن المشايخ رحمهم الله تعالى أنهم جعلوا القرآن على خمسمائة وأربعين ركوعا علموا ذلك في المصاحف حتى يحصل الختم في ليلة السابع والعشرين لكثرة الأخبار التي تدل على أنها ليلة القدر وفي غير هذا البلد كانت المصاحف معلمة بعشر من الآيات وجعلوا ذلك ركوعا ليقرأ في كل ركعة من التراويح القدر المسنون
(فصل في الشك في التراويح) إذا سلم الإمام في ترويحة فقال بعض القوم صلى ثلاث ركعات يأخذ الإمام بما كان عنده في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ولا يدع علمه بقول الغير وإن لم يكن الإمام على يقين يأخذ بقول من كان صادقا عنده وكذا لو وقع الاختلاف بين الإمام وبين جميع القوم إن كان الإمام على يقين يعمل بما كان عنده وإن وقع الشك أنه صلى تسع تسليمات اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يصلون تسليمة أخرى لأن الزيادة على التراويح بالجماعة إنما يكره إذا تيقنوا بالزيادة ورأوا الزيادة تراويح وها هنا يصلون التسليمة الأخرى بنية إتمام التراويح فلا يكره كالمتطوع بعد العصر إنما يكره إذا شرع فيه مع العلم به أما إذا شرع في التطوع بنية العصر ثم علم أنه قد كان أدى العصر فإنه يتم صلاته ولا يكره كذا هذا وقال بعضهم يوترون ولا يصلون تسليمة أخرى احترازا عن الزيادة على التراويح والصحيح أنهم يصلون تسليمة أخرى فرادى فرادى احتياطا.
Page 117