21

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Genres

٢٠ - مكانة الصِّديقة بنت الصِّديق عائشة أم المؤمنين ﵂ عند أهل السنة والجماعة يقول السائل: ما هو الحكم الشرعي فيمن شتم ولعن عائشة أم المؤمنين ﵂ كما حصل من بعض الشيعة، أفيدونا؟ الجواب: من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن حب الصحابة الكرام جزء من عقيدة المسلم، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة المرضية عند أئمة أهل السنة والجماعة: [ونحب أصحاب رسول الله ﷺ ولا نفرط في حب أحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ، وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان] العقيدة الطحاوية ص٦٨٩، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ﷺ] شرح العقيدة الواسطية ص ١٤٢.وقد قامت على صحة هذه العقيدة ألا وهي حب الصحابة ﵃ أجمعين وحرمة سبهم وحرمة بغضهم، عشراتُ الأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ، وانعقد إجماع الصحابة على ذلك، فمن الآيات الكريمات الدالة على ذلك وفيها ثناء الله على الصحابة ﵃ قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ سورة التوبة الآية ١٠٠.وقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ سورة الحشر الآيات ٨-١٠. وأما الأحاديث النبوية فمنها عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه) رواه البخاري ومسلم. وعن عمران بن حصين ﵁ أن النبي ﷺ قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عمر ﵁ أن عمر بن الخطاب ﵁ خطب بالجابية فقال: قام فينا رسول الله ﷺ مقامي فيكم فقال: (استوصوا بأصحابي خيرًا ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ...) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة ١/٤٢٩.ونص أهل العلم على وجوب احترام الصحابة ﵃ أجمعين، وأنه يحرم الطعن فيهم أو سبهم أو الانتقاص منهم. قال الإمام مالك: [الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس له نصيب في الإسلام] السنة للخلال ٢/٥٥٧، وقال أبو زرعة الرازي: [إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق] ولتكن ممن يقول: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾] انظر صب العذاب على من سب الأصحاب للألوسي ص٣٩١-٣٩٢. وقال الإمام النووي: [واعلم أن سب الصحابة ﵃ حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره، لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون] ثم نقل عن القاضي عياض قوله: [وسب أحدهم-أي الصحابة- من المعاصي الكبائر] شرح النووي على صحيح مسلم ٥/٧٢-٧٣. وقال الإمام الآجري: [ومن سبهم فقد سب رسول الله ﷺ، ومن سب رسول الله ﷺ استحق اللعنة من الله ﷿ ومن الملائكة ومن الناس أجمعين]، وقال الإمام الآجري أيضًا: [لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله ﷺ، لأنه خالف الله ورسوله ولحقته اللعنة من الله ﷿ ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين، ولا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا، لا فريضةً ولا تطوعًا، وهو ذليل في الدنيا، وضيع القدر، كثر الله بهم القبور وأخلى منهم الدور] من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية ص١٥. إذا تقرر هذا فلا بد من بيان الأمور التالية: أولًا: إن عائشة أم المؤمنين ﵂ قد برأها الله من الافتراءات والكذب الصراح الذي ذكره الشيعي المعمم في لندن، ولا شك أن وصفها بتلك الأوصاف الشنيعة، إنما هو قذف لعرض النبي ﷺ، وطعن في رسول الله ﷺ، وتكذيب لكلام ربنا ﷿ الذي برأ عائشة أم المؤمنين ﵂ من فوق سبع سموات، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ، لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثِلهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ سورة النور الآيات١١-٢٠ إلى أن قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ الآية ٢٣. وقد اتفق أهل العلم على أن هذه الآيات قد نزلت في حق عائشة أم المؤمنين ﵂ في أعقاب حادثة الإفك المعروفة، وقال ابن كثير: [أجمع العلماء ﵏ قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن] تفسير ابن كثير ٤/٥٢٥. وكذلك فإن الطعن بعائشة أم المؤمنين ﵂، فيه تنقيصٌ وشتمٌ لرسول الله ﷺ، حيث قال ﷿: ﴿الخبيثات للخبيثين﴾ قال ابن كثير: [أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله ﷺ إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيبٍ من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعًا ولا قدرًا، ولهذا قال تعالى ﴿أولئك مبرءون مما يقولون﴾ أي عما يقوله أهل الإفك والعدوان] تفسير ابن كثير ٤/٥٢٨. ثانيًا: عائشة ﵂ هي أم المؤمنين بنص الكتاب العزيز، قال الله تعال: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ سورة الأحزاب الآية ٦، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها منها: عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) رواه البخاري، وروى الإمام البخاري بإسناده أن رسول الله ﷺ بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، قال فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت من الرجال، قال: أبوها. قلت ثم من؟ قال: عمر) . وعن عائشة أم المؤمنين ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: (يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: قلت وعليه السلام ورحمة الله) رواه البخاري ومسلم، وغير ذلك من الأحاديث. ثالثًا: إن طعن الشيعة في عائشة وأبيها وحفصة وأبيها وفي بقية الصحابة ﵃ أجمعين، ليس أمرًا جديدًا، بل موجود في كتبهم ومتداول بينهم منذ أن وجدت هذه الطائفة، فشتم الصحابة عمومًا وعائشة خصوصًا موجود في مصادرهم المعتمدة القديمة مثل "الكافي" للكليني، و"الأنوار النعمانية"، و"من لا يحضره الفقيه"، و"بحار الأنوار"، و"تفسير القمي" و"مشارق أنوار اليقين" و"البرهان في تفسير القرآن" و"الهداية الكبرى" وغيرها، وموجود في كتبهم المعاصرة مثل "مصباح الفقاهة" و"حق اليقين في معرفة أصول الدين"، فما قاله شيعي لندن المعمم ليس مستغربًا، بل وصل الأمر بالعاملي من شيعة لبنان المعاصرين إلى أن يؤلف كتابًا بعنوان "خيانة عائشة"، فهذا جزء من اعتقاد الشيعة في صحابة رسول الله ﷺ، فالشيعة الإثنا عشرية - شيعة إيران- يكفرون معظم الصحابة رضوان الله عليهم، عليهم، فقد ذكر الكليني في كتابه فروع الكافي عن جعفر ﵇ قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي ﷺ إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي] . وخلاصة الأمر أن سب الشيعة لعائشة أم المؤمنين ﵂ واتهامها في عرضها زندقةٌ واضحة، وهو تكذيبٌ صريحٌ لكلام رب العالمين في تبرئتها، وطعنٌ في عرض رسول الله ﷺ، ولا شك أن شيعة اليوم أخطر على الإسلام من شيعة الأمس، نظرًا لما يمتلكون من وسائل حديثة في نشر أباطيلهم، وما وقع من شيعي لندن من النيل من عائشة أم المؤمنين ﵂، يبين بوضوح وصراحة أكذوبة التقريب بين الشيعة والسنة.

1 / 20