242

al-fatāwā al-kubrā

الفتاوى الكبرى

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

الشُّيُوخِ كَالْحَلَّاجِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ؛ أَوْ بِبَعْضِ الْمُلُوكِ؛ أَوْ بِبَعْضِ الصُّوَرِ كَصُوَرِ الْمُرْدِ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَنْظُرُ إلَى صِفَاتِ خَالِقِي، وَأَشْهَدُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالْكُفْرُ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ قَالَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ فِي بَنِي كَرِيمٍ لَكَانَ كَافِرًا، فَكَيْفَ إذَا قَالَهُ فِي صَبِيٍّ أَمْرَدَ.
فَقَبَّحَ اللَّهُ طَائِفَةً يَكُونُ مَعْبُودُهَا مِنْ جِنْسِ مَوْطُوئِهَا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٨٠] . فَإِذَا كَانَ مَنْ اتَّخَذَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا، مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ لِلَّهِ كُفَّارًا، فَكَيْفَ بِمَنْ اتَّخَذَ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ أَرْبَابًا مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ اللَّهَ فِيهَا، أَوْ مُتَّحِدٌ بِهَا، فَوُجُودُهَا وُجُودُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَالَاتِ.
وَأَمَّا الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ فَهُوَ: أَنَّهُ يُورِثُ نُورَ الْقَلْبِ، وَالْفِرَاسَةَ. قَالَ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ لُوطٍ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] . فَالتَّعَلُّقُ فِي الصُّوَرِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْلِ، وَعَمَى الْبَصِيرَةِ، وَسُكْرَ الْقَلْبِ بَلْ جُنُونَهُ كَمَا قِيلَ:
سَكْرَانِ سُكْرُ هَوًى وَسُكْرُ مُدَامَةٍ ... فَمَتَى إفَاقَةُ مَنْ بِهِ سَكْرَانِ
؟ وَقِيلَ:
قَالُوا جُنِنْت بِمَنْ تَهْوَى فَقُلْت لَهُمْ ... الْعِشْقُ أَعْظَمُ مِمَّا بِالْمَجَانِينِ
الْعِشْقُ لَا يَسْتَفِيقُ الدَّهْرُ صَاحِبَهُ ... وَإِنَّمَا يَصْرَعُ الْمَجْنُونَ فِي الْحِينِ
وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ آيَةَ النُّورِ عَقِيبَ آيَاتِ غَضِّ الْبَصَرِ فَقَالَ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [النور: ٣٥] . وَكَانَ شَاهْ بْنُ شُجَاعٍ الْكَرْمَانِيُّ لَا تُخْطِئُ لَهُ فِرَاسَةٌ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ عَمَّرَ ظَاهِرَهُ

1 / 292