فهذا خبر من الله عن الجن أنهم قالوا ذلك، وكلامهم هذا يدل على أنهم كانوا أولًا يتمكنون من الاستماع، ثم حيل بينهم وبين ذلك بسبب تشديد الحراسة على السماء، ومضاعفة الرمي بالشهب، وذلك عندما يوحى إلى النبي ﷺ حفظًا للوحي من أن تدرك الشياطين شيئًا منه، أو تخطف منه كلمة، وهذا الأمر مختص بوقت نزول القرآن مدة حياة النبي ﷺ.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن حجب الشياطين عن استراق السمع مستمر، فهم الآن لا يستطيعون أن يقتربوا من السماء، وأن يسترقوا شيئا من كلام الملائكة.
وقال بعض العلماء: إن عزل الشياطين عن قربان السماء واستراق السمع مختص بوقت نزول الوحي على النبي ﷺ صيانة وحفظا لما كان ينزل على النبي ﷺ من الكتاب والحكمة، ولما انقطع الوحي بوفاة النبي ﷺ عاد الأمر إلى ما كان عليه. وهذا والله أعلم- أظهر، وهو الذي ذكرته عن الإمام ابن كثير ﵀. والله أعلم.