77

Fatāwā al-zawāj wa-ʿishrat al-nisāʾ

فتاوى الزواج وعشرة النساء

Editor

فريد بن أمين الهنداوي

Publisher

مكتب التراث الإسلامي

Edition Number

الخامسة

Publication Year

1410 AH

المحصنات بالعفاف ، وهو كما قالوا، وذكروا أن الزنا في الجاهلية كان نوعين: نوعاً مشتركاً، ونوعاً مختصاً. والمشترك ما يظهر في العادة، بخلاف المختص فإنه مستتر في العادة. ولما حرم الله المختص وهو شبيه بالنكاح؛ فإن النكاح تختص فيه المرأة بالرجل: وجب الفرق بين النكاح الحلال والحرام من اتخاذ الأخدان. فإن هذه إذا كان يزني بها وحدها لم يعرف أنها [لم يطأها غيره] ولم يعرف أن الولد الذي تلده منه، ولا يثبت لها خصائص النكاح.

فلهذا كان عمر بن الخطاب يضرب على ((نكاح السر)) فإن نكاح السر من جنس اتخاذ الأخدان شبيه به، لا سيما إذا زوجت نفسها بلا ولي ولا شهود وكما ذلك؛ فهذا مثل الذي يتخذ صديقة ليس بينهما فرق ظاهر معروف عند الناس يتميز به عن هذا، فلا يشاء من يزني بأمره صديقة له إلا قال: تزوجتها. ولا يشاء أحد أن يقول لمن تزوج في السر: إنه يزني بها إلا قال ذلك، فلا بد أن يكون بين الحلال والحرام فرق مبين. قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمَاً بَعْدَ إذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ(١) وقال تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ(٢) فإذا ظهر للناس أن هذه المرأة قد أحصنها تميزت عن المسافحات والمتخذات أخدانا، وإذا كان يمكنها أن تذهب إلى الأجانب لم تتميز المحصنات، كما أنه إذا كتم نكاحها فلم يعلم به أحد لم تتميز من المتخذات أخدانا.

وقد اختلف العلماء فيما يتميز به هذا عن هذا، فقيل: الواجب الإعلان فقط سواء أشهد أو لم يشهد. كقول مالك وكثير من فقهاء الحديث وأهل الظاهر وأحمد في رواية. وقيل: الواجب الإشهاد سواء أعلن أو لم يعلن، كقول أبي حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد. وقيل: يجب الأمران وهو الرواية الثالثة عن أحمد. وقيل: يجب أحدهما وهو الرواية الرابعة عن أحمد.

واشتراط ((الإشهاد)) وحده ضعيف: ليس له أصل في الكتاب ولا في

(١) سورة التوبة: ١١٥.
(٢) سورة الأنعام: ١١٩.

77