Fatāwā al-ṣalāh
فتاوى الصلاة
Editor
عبد المعطى عبد المقصود محمد
Publisher
مكتب حميدو
جزء منه.كما في دبر الإنسان فإنه آخر جزء منه، ومثله لفظ «العقب» قد يراد به الجزء المؤخر من الشيء. كعقب الإنسان وقد يراد به ما يلي ذلك. فالدعاء المذكور في دبر الصلاة إما أن يراد به آخر جزء منها ليوافق بقية الأحاديث، أو يراد به ما يلي آخرها، ويكون ذلك ما بعد التشهد كما سمى ذلك قضاء للصلاة وفراغا منها حيث لم يبق إلا السلام المنافي للصلاة؛ بحيث لو فعله عمداً في الصلاة بطلت صلاته، ولا تبطل سائر الأذكار المشروعة في الصلاة، أو يكون مطلقا أو مجملا. وبكل حال فلا يجوز أن يخص به ما بعد السلام؛ لأن عامة الأدعية المأثورة كانت قبل ذلك ولا يجوز أن يشرع سنة بلفظ مجمل يخالف السنة المتواترة بالألفاظ الصريحة.
والناس لهم في هذه فيما بعد السلام ثلاثة أحوال:
منهم من لا يرى قعود الإمام مستقبل المأموم لا بذكر ولا دعاء ولا غير ذلك وحجتهم ما يروى عن السلف أنهم كانوا يكرهون للإمام أن يستديم استقبال القبلة بعد السلام، فظنوا أن ذلك يوجب قيامه من مكانه، ولم يعلموا أن انصرافه مستقبل المأمومين بوجهه كما كان النبي ﷺ يفعل يحصل هذا المقصود وهذا يفعله من يفعله من أصحاب مالك.
ومنهم من يرى دعاء الإمام والمأموم بعد السلام، ثم منهم من يرى ذلك في الصلوات الخمس، ومنهم من يراه في صلاة الفجر والعصر كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب الشافعي وأحمد، وغيرهم، وليس مع هؤلاء بذلك سنة، وإنما غايتهم التمسك بلفظ مجمل، أو بقياس، كقول بعضهم ما بعد الفجر والعصر ليس بوقت صلاة، فيستحب فيه الدعاء، ومن المعلوم أن ما تقدمت به سنة رسول الله ﷺ الثابتة الصحيحة، بل المتواترة لا يحتاج فيه إلى مجمل، ولا إلى قياس.
وأما قول عقبة بن عامر: أمرني رسول الله ﷺ أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة، فهذا بعد الخروج منها(١٥).
وأما حديث أبي أمامة «قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبة»(١٦) فهذا يجب أن لا يخص ما بعد السلام، بل
(١٥) تبين ضعفه في أول الباب.
(١٦) تبين ضعفه في أول الباب.
108