47

Fatwas on Alcohol and Drugs

فتاوى الخمر والمخدرات

Investigator

أبو المجد أحمد حرك

Publisher

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

قلت: أما إباحتها للضرورة فحق، وليس التداوي بضرورة لوجوه:

● أولها:

أن كثيرا من المرضى أو أكثر المرضى يشفون بلا تداو، لا سيما في أهل الوبر والقرى، والساكنين في نواحي الأرض يشفيهم الله بما خلق فيهم من القوى اللبوعة في أبدانهم الرافعة للمرض، وفيما يسره لهم من نوع حركة وعمل، أو دعوة مستجابة، أو رقية نافعة، أو قوة للقلب، وحسن التوكل، إلى غير ذلك من الأسباب الكثيرة غير الدواء، وأما الأكل فهو ضروري، ولم يجعل الله أبدان الحيوان تقوم إلا بالغذاء، فلو لم يكن يأكل لمات، فثبت بهذا أن التداوي ليس من الضرورة في شيء.

● ثانيها:

أن الأكل عند الضرورة واجب. قال مسروق(٤): من اضطر إلى الميتة فلم يأكل فمات دخل النار، والتداوي غير واجب ومن نازع فيه: خصمته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الصبر على البلاء ودخول الجنة، وبين الدعاء بالعافية. فاختارت البلاء والجنة. ولو كان رفع المرض واجبا لم يكن للتخيير موضع، كدفع الجوع، وفي دعائه لأبي بالحمى، وفي اختياره الحمى لأهل قباء، وفي دعائه بفناء أمته بالطعن والطاعون، وفي نهيه عن الفرار من الطاعون.

وخصمه حال أنبياء الله المبتلين الصابرين على البلاء، حين لم يتعاطوا الأسباب الدافعة له: مثل أيوب(٥) عليه السلام، وغيره.

وخصمه حال السلف الصالح، فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين قالوا له: ألا ندعو لك الطبيب؟ قال: قد رآني، قالوا: فما قال لك؟ قال:

(٤) هو أبو عائشة: مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، تابعي ثقة من أهل اليمن، ذو علم بالفتيا، وسكن الكوفة، ومات سنة ٦٣ هجرية.

(٥) هو أيوب نبي الله الصابر، من أنبياء العرب قبل موسى، كان يسكن أرض (عوض) شرقي فلسطين، أو في حوران، اشتهر بصبره على ابتلاء الله له بالمرض وغيره، حتى فرج الله عليه.

47