Fatwas on Alcohol and Drugs
فتاوى الخمر والمخدرات
Investigator
أبو المجد أحمد حرك
Publisher
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
وأصحاب (القول الثاني) قالوا: لا يسمى خمرا إلا ما كان من العنب. وقالوا: إن نبيذ التمر والزبيب إذا كان نيا مسكرا حرم قليله وكثيره ولا يسمى خمرا، فإن طبخ أدنى طبخ حل. وأما عصير العنب إذا طبخ وهو مسكر لم يحل، إلا أن يذهب ثلثاه، ويبقى ثلثه. فأما بعد أن يصير خمرا فلا يحل وإن طبخ إذا كان مسكرا بلا نزاع.
● والقول الأول:
الذي عليه جمهور علماء المسلمين هو الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، فإن الله تعالى قال في كتابه: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون) (٤٧).
واسم (الخمر) في لغة العرب الذين خوطبوا بالقرآن كان يتناول المسكر من التمر وغيره، ولا يختص بالمسكر من العنب، فإنه قد ثبت بالنقول الصحيحة أن الخمر لما حرمت بالمدينة النبوية وكان تحريمها بعد غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة لم يكن من عصير العنب شيء، فإن المدينة ليس فيها شجر عنب، وإنما كانت خمرهم من التمر. فلما حرمها الله عليهم أراقوها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل وكسروا أوعيتها، وشقوا ظروفها، وكانوا يسمونها (خمرا). فعلم أن اسم (الخمر) في كتاب الله عام لا يختص بعصير العنب.
فروى البخاري (٤٨) في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
(٤٧) الآيتان: ٩٠، ٩١ من سورة المائدة. والآية الأولى محذوف أولها: يا أيها الذين آمنوا.
(٤٨) هو أبو عبد الله: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، لقب بحبر الإسلام، حافظ، من أئمة أهل الحديث، صاحب الجامع الصحيح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي انتقاها البخاري من ستمائة ألف حديث سمعها. ولد في بخارى (١٩٤ هـ) وتوفي في إحدى قرى سمرقند (٢٥٦ هـ).
25