Fatwas on Alcohol and Drugs
فتاوى الخمر والمخدرات
Investigator
أبو المجد أحمد حرك
Publisher
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
وكانوا يشربون النبيذ الحلو، وهو أن ينبذ في الماء تمر وزبيب، أي يطرح فيه - والنبذ الطرح - ليحلو الماء، لاسيما كثير من مياه الحجاز، فإنه فيه ملوحة، فهذا النبذ حلال بإجماع المسلمين، لأنه لا يسكر، كما يحل شرب عصير العنب قبل أن يصير مسكراً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد نهاهم أن ينبذوا هذا النبيذ في أوعية الخشب، أو الجرى. وهو ما يصنع من التراب، أو القرع، أو الظروف المزفتة (٧)، وأمرهم أن ينبذوا في الظروف التي تربط أفواهها بالأوكية (٨): لأن الشدة (٩) تدب في النبيذ دبيباً خفيفاً، ولا يشعر الإنسان، فربما شرب الإنسان ما قد دبت فيه الشدة المطربة، وهو لا يشعر، فإذا كان السقاء موكأ انشق الظرف، إذا غلا فيه النبيذ، فلا يقع الإنسان في محذور، وتلك الأوعية لا تنشق.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص بعد هذا في الانتباذ في الأوعية، وقال: ((كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا، ولا تشربوا المسكر)) (١٠). فاختلف الصحابة ومن بعدهم من العلماء. منهم من لم يبلغه النسخ أو لم يثبته، فنهى عن الانتباذ في الأوعية. ومنهم من اعتقد ثبوته وأنه ناسخ فرخص في الانتباذ في الأوعية. فسمع طائفة من الفقهاء أن بعض الصحابة كانوا يشربون النبيذ فاعتقدوا أنه المسكر، فترخصوا في شرب أنواع من الأشربة التي ليست من العنب والتمر، وخصوا في الطبوخ من نبيد التمر والزبيب إذا لم يسكر الشارب.
والصواب ما عليه جماهير المسلمين: أن كل مسكر خمر، يجلد شاربه. ولو شرب منه قطرة واحدة، لتداو أو غير تداو، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر يتداوى بها، فقال: ((إنها داء وليست بدواء، وإن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) (١١).
(٧) الظروف المزفتة: الأوعية المعالجة بالزفت.
(٨) الأوكية: مفردها وكاء: الخيط الذي تشد به الصرة أو الكيس وغيرهما.
(٩) الشدة: يراد بها هنا غليان النبيذ بالتخمر.
(١٠) رواه ابن ماجه، ومعناه عند كثير غيره.
(١١) رواه الشيخان وأحمد وابن حبان ومعناه عند أبي داود والترمذي.
19