28

Fatawa al-Iraqi

فتاوى العراقي

Investigator

حمزة أحمد فرحان

Publisher

دار الفتح

Edition Number

الأولى

Publication Year

1430 AH

يُغاثون، وعظم الموت فيهم، حتى كان يموت في كل يوم من الطرحاء على الطرقات ما يزيد على خمسمائة نفر، في مصر والقاهرة.

حتى إذا فني معظم الفقراء وخلت دور كثيرة خارج القاهرة ومصر لموت أهلها فشت الأمراض في الأغنياء، ووقع الموت فيهم، فازداد سعر الأدوية، وبلغ الفروج خمسة وأربعين درهماً، ثم فقدت الفراريج، وبلغت الحبة الواحدة من السفرجل خمسين درهماً، والبطيخة تسعين درهماً، وفشت الأمراض والطواعين بالناس(١).

وفي سنة تسع وثمانمائة كثر الموتى، وعزّ وجود البطيخ من كثرة طلبه للتداوي للمرضى، فبيعت الواحدة بمائتين وسبعين درهم(٢).

وقد عزا المقريزي هذه المجاعات إلى أسباب، ومن هذه الأسباب:

١) نقصان النيل في سنوات عديدة، وهذه عادة مصر منذ الزمن القديم، إذا تأخر جري النيل بها أن يمتد الغلاء إلى مجيء الغلال الجديدة، ففي سنة ست وتسعين وسبعمائة قَصرَ جريه، فشرق أكثر الأراضي، وتعطلت من الزراعة، فارتفعت الأسعار حتى بلغ سعر القمح نحو مائتي درهم الإردبّ(٣)، والشعير بمائة وخمسة دراهم(٤).

٢) ولاية الخطط السلطانية والمناصب الدينية بالرشوة التي هي سبب كل فساد، كالوزارة والقضاء ونيابة الأقاليم وولاية الحسبة، وسائر الأعمال، بحيث لا يمكن التوصل إلى شيء منها إلّا بالمال الجزيل، فتخطى لأجل ذلك كل جاهل ومفسد وظالم وباغ إلى ما لم يكن يأمله من الأعمال الجليلة والولايات العظيمة، لتوصله بأحد حواشي

(١) المقريزي، السلوك ٣٧٤/٤-٣٧٨.

(٢) المقريزي، السلوك ٦/ ١٨٢.

(٣) الإِرُدَبّ: مكيال ضحم لأهل مصر، قيل يضم أربعة وعشرين صاعاً، والقنقل نصف الإردب. (الجوهري الصحاح، ١٣٥/١، وابن منظور، لسان العرب ٤١٦/١).

(٤) المقريزي، إغاثة الأمة بكشف الغمّة أو تاريخ المجاعات في مصر، ص ٤١- ٤٢.

26