117

39 - انحراف قبلة المسجد

سألني بعض المصلين عن قبلة مسجد عمر بن عبد العزيز في بلدة العيزرية / محافظة القدس وشكوا من وجود انحراف عن اتجاه القبلة الصحيح وطلبوا بيان الحكم الشرعي في ذلك.

الجواب من المعلوم أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ويدل على ذلك قوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) سورة البقرة الآية 150 ويجب تحديد القبلة بدقة عند بناء المساجد فإذا بني المسجد، وتبين بعد ذلك أن هنالك خطأ كبيرا في قبلة المسجد فيجب تصحيح ذلك الخطأ والتوجه إلى القبلة (والخطأ الكبير أن يكون الانحراف أكثر من 45 درجة) وقد اتفق العلماء على أن الفرض في حق من يشاهد الكعبة هو استقبال عينها وأما من كان غائبا عنها فلا يراها مثل البعيد فقال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة يجب عليه أن يستقبل جهة الكعبة ولا يجب عليه أن يستقبل عينها. وهذا القول هو الراجح لأنه المتفق مع مقاصد الشرع الحنيف من رفع الحرج قال تعالى {وما جعل عليكم في الدين من حرج} واستدلوا بقوله تعالى {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما بين المشرق والمغرب قبلة) رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث صحيح. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة دون إصابة العين، قال أحمد: ما بين المشرق والمغرب قبلة فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يعد ولكن يتحرى الوسط وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي في أحد قوليه كقولنا، والآخر: الفرض إصابة العين

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما بين المشرق والمغرب قبلة) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة ولأنه لو كان الفرض إصابة العين لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها) المغني 1/318. وقد زرت المسجد المذكور مرتين واستعنت بأهل الخبرة وقد تبين لي أن قبلة المسجد صحيحة بشكل عام وإن وجد فيها انحراف فلا يضر ولا يؤثر على صحة الصلاة لأن الانحراف المبطل للصلاة هو الانحراف الذي يكون كبيرا وقدره بعض العلماء المعاصرين ب (45) درجة كما سبق ويكون ذلك عندما يصلى إلى غير جهة الكعبة [فإذا كانت القبلة إلى الجنوب، وتوجه المصلي إلى جهة الجنوب بناء على اجتهاده فصلاته صحيحة. فإذا ابتعد عن عين القبلة يمينا أو يسارا حتى 45 درجة فإنه يظل متجها إلى جهة الجنوب، فإذا زاد عن ذلك فقد بدأ يتجه إلى جهة الشرق أو الغرب، لأن كل جهة من هاتين الجهتين تبعد عن جهة الجنوب 90 درجة. فإذا وصل إلى 45 درجة فقد وصل إلى نهاية الجنوب من جهة الشرق، وبدأ التوجه إلى جهة الشرق الجنوبي. أو إلى نهاية الجنوب من جهة الغرب وبدأ التوجه إلى الغرب الجنوبي

فالخطأ في هذه الحدود مغتفر إن شاء الله إذا حصل بعد البحث والتحري والاجتهاد] فإذا كان الانحراف ضمن نفس الجهة، بحيث تكون الكعبة أمامك ولكنك لا تصيب عينها بل تتوجه عن يمينها أو شمالها، فهو انحراف يسير غير مبطل للصلاة. لأن الانحراف الذي لاحظه بعض المصلين في قبلة المسجد المذكور لا يخرج عن استقبال جهة القبلة.

وخلاصة الأمر أن قبلة مسجد عمر بن عبد العزيز في العيزرية قبلة صحيحة والانحراف الذي ذكره بعض المصلين إن وجد لا يؤثر على صحة الصلاة. وأنصح الأخوة المصلين في مسجد عمر بن عبد العزيز أن يصلوا حسب قبلة المسجد وأن يطمئنوا أن صلاتهم صحيحة إن شاء الله تعالى.

Page 39