19
نساءهم، انظر اليوم ماذا سيكون من شأن أخيك الحارث أبي فراس، وقد تركه أبوه في غضارة
20
الطفولة، يتعثر في سنواته السبع. - إن اليتم في سبيل الشرف عزة وكرامة. إن أبطال بني حمدان يموتون ليحيا أبناؤهم، وإن ذلك المجد الباذخ، وتلك الصولة العاتية التي ملأت العراق والشام رعبا، لم تكن إلا صدى لقبور الشهداء من بني حمدان، الذين سقطوا في الميدان بعد أن تحطمت سيوفهم في سبيل الشرف والبطولة. إنني يا أماه سأحيا بأبي، وسيحيا في أبي، ولن يقول الناس إن ابن سعيد مات أبوه فبخعه
21
الحزن، وجلس في إحدى زوايا قصره يبكي كما تبكي الإماء،
22
لا، لا، إن مجد بني حمدان باق على الدهر، وهو سر قدسي يحفظه الأجداد للآباء ويصونه الآباء للأبناء. أما أبو فراس ... ثم أطراق قليلا ورفع رأسه، قال: فلن أعلم ولن تعلمي ما سيكون من أمر هذا الطفل اليتيم. ولكني لا أستطيع أن أشك في صدق ظنوني فيه. وإذا دل الفرند
23
على كرم السيف، ونم الغصن على طيب منبته، فإن مخايل أبي فراس تنبئني بأنه سيكون بطلا، وأنه سيترك في الدنيا دويا. إن هذا الطفل أعجوبة الأعاجيب! إنه وهو في السابعة يبهرك برأي أصيل، وعزم صليب، وقلب لم يعرف الرعب، ولم ينل منه الفزع، إنك ترين في عينيه نبل محتده،
Unknown page