إن لم تجد ما تأكله
وصفا العيش لأبي فراس ونجلاء، ومرت شهور وشهور وهما في ظلال النعيم يعبثان كما يعبث الطفلان المدللان، فلم يكن يفرق بينهما إلا غزوات الروم. فقد غزاهم سيف الدولة في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان يقود أعظم كتائبه فارسه المعلم أبو فراس، فأوقع بالروم في «سروج» ثم عرج على «مرعش» فأعاد بناء قلعتها وشتت جموع الروم، وأسر أبطالهم.
وما كادت تطل سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، حتى اتجه سيف الدولة بجيشه الزاخر، وأبو فراس في طليعته، نحو «ملطية» فهزم الروم شر هزيمة، ووقع في أسره قسطنطين فوكاس ابن ملك الروم. وفي هذه الموقعة يقول أبو فراس:
وولى على الرسم الدمستق هاربا
وفي وجهه عذر من السيف عاذر
2
فدى نفسه بابن عليه كنفسه
وللشدة الصماء تقنى الذخائر
3
ولم تمض على هذه الغزوة إلا سنة حتى انقض جيش سيف الدولة على جيش الروم عند حصن «الحدث». وكان الروم في نحو خمسين ألفا، فهزمهم وأسر صهر الملك وحفيده وكثيرا من القواد، وأبلى أبو فراس في هذه الموقعة خير البلاء. حين يقول:
Unknown page