قتل من رجالي واحد. أخ! يا حسرتي على شبابه! أش شاب! مثل الرمح الرديني.
18
في ذقن الآغا نقرة كأنها صرة حبيبة سليمان، ولكنها مسيجة بالشوك لا السوسن. كثيرا ما يولج فيه أصبعه ليعزل ما فيها، ولكنه قلما يظفر بذلك، وفي ساعة رضا طلب منا متماجنا «قشق النارجيلة» لينظفها به.
وفي وجه الآغا نكتتان
19
كادتا تختفيان بين تجاعيد وجهه حين عرفته. كان يزعم حين شاخ أنهما طعنة سكين، حين اشتبك بالسلاح الأبيض مع العسكر التركي على الحدود.
إذا دخل الأونباشي قرية يمشي مترصنا كالجواد المقيد، ويتغربل كالديك الحبشي. يسأل الأرض أن تحس بفضله إذا مشى عليها؛ فالرجل يعتقد اعتقادا مكينا أنه عنترة زمانه، ولولاه ضاعت الأموال والأرواح. أما كيف عرفته فإليك الخبر: كنت في صغري ولدا ورشا، للشيطنة عندي مقام جليل جدا. وكانت المرحومة أمي تعجز عن إيقافي عند حد من الرصانة التي تتمناها لغزالها ... فأخذت تخوفني بالعسكري، ككل أم لبنانية بروتوكولية. إذا تجاوزت الحد في لعبي قالت: اهدأ يا مارون، أقول للعسكري يأخذك. وإن طلبت مني حاجة لم أقضها خوفتني بالعسكري، وإن اعتديت على أحد رفاقي أدبتني بقضيب دقيق، وقالت: الحبس قدامك، غدا يجيء العسكري.
كانت - رحمة الله عليها - تصور لي العسكري وحشا ضاريا يفعل بالناس الأفاعيل. هاجر رجل كنت أحبه وأستأنس بحديثه؛ لأنه كان ظريفا ضحوكا يداعب الصغار ويلاعبهم ويضحكهم، فسألت أمي عنه، فقالت بصوت منكسر: مسكين عمك جرجس، أخذه العسكري. اليوم هو بالحبس.
قلت: أيش عمل حتى حبسوه؟
قالت: أخذه العسكري - وأخرجت كلمة عسكري إخراجا فخما - لأنه ضرب قرياقوس في «كسارة العين».
Unknown page