Farah Antun
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Genres
وله قصيدة عنوانها «على جبل» نظمها في نيويورك، وجعلها بين نيتشه وتولستوي، فذكر أقوال الفيلسوف الألماني في نبذ الشرائع الدينية، وتغليب القوي على الضعيف، ولكنه احترس منها بقوله:
هذا كلام نيتش إن نيتش كا
ن مقوم المعوج والمناد
في زعم بعض الناس. أما مذهبي
فيه، فأبقيه إلى ميعاد
ثم ذكر أقوال الفيلسوف الروسي في نقض آراء معطل الشرائع، وقاتل الرحمة، حتى إذا سكت الفيلسوفان لم يستفد صاحبنا منهما إلا التحير والارتجاج:
لم تستفد غير التحير منهما
فجميعها أمسى أبا مرقال
وكذلك قصة الدين والعلم والمال، حاول أن يشرح فيها المشكلة الاجتماعية بين العمال وأصحاب رءوس المال، فبنى لها ثلاث مدن متجاورة تتجادل وتتخاصم وتتشاتم، فلم يجد وسيلة للتوفيق بينها، فدمرها كلها وتركها خرابا.
كان فرح أنطون وافر الذكاء، متقد الخاطر، واسع الاطلاع على مذاهب روسو، ورينان، وفولتير، وكونت، وداروين، ونيتشه، وماركس، وتولستوي، وابن رشد، وابن طفيل، والغزالي، وعمر الخيام وسواهم، فنقل من مصنفاتهم، ولخص آراءهم وحللها، وأحبها كلها، وأشاد بذكرها، وأراد الإصلاح والحرية والخير للإنسان، ولكنه اضطرب في آرائه، وارتج عليه، فلم يقم له مذهب شخصي، ولا نظام فلسفي مترابط، مع ميله إلى الحياة الفكرية، واتسع نشاطه الأدبي إلى القصص والمسرحيات تصنيفا وترجمة، وتشبه بكتاب الفرنجة والروس، فجعل ما صنفه منها وسيلة لبث آرائه الدينية والاجتماعية، فغلبت عليه الخطب والمواعظ والمجادلات، فضعفت في قصصه الميزة الأدبية والفنية.
Unknown page