98

Faqih Wa Mutafaqqih

الفقيه و المتفقه

Investigator

أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢١ ه

Publisher Location

السعودية

ذِكْرُ ضَرْبِ النَّبِيِّ ﷺ الْمَثَلَ فِي مَرَاتِبِ مَنْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ
أنا أَبُو بَكْرٍ الْبُرْقَانِيُّ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ - لَفْظًا - أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى يَعْنِي الْمَوْصِلِيَّ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: وَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، نا أَبُو كُرَيْبٍ، وإِبْرَاهِيمُ الْجَوْهَرِيُّ، ويُوسُفُ الْمَسْرُوقِيُّ، وقَاسِمُ بْنُ دِينَارٍ، قَالُوا: نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ مَثَلَ مَا آتَانِي اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا كَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ، قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا» - قَالَ الْحَسَنُ: «- أَجَادِبُ -» وَلَمْ يَضْبِطْ أَبُو يَعْلَى وَالْقَاسِمُ هَذَا الْحَرْفَ - «أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَمِلَ» - كَذَا قَالَ أَبُو يَعْلَى وَحْدَهُ - «وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هَدْيَ اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ»، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: «وَأَحَادِبُ»، وَقَالَ الْحَسَنُ ⦗١٨٠⦘ وَالْقَاسِمُ: «فَعَلِمَ وَعَلَّمَ» قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَرَاتِبَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهِينَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُذَّ مِنْهَا شَيْءٍ، فَالْأَرْضُ الطَّيِّبَةُ هِيَ مِثْلُ الْفَقِيهِ الضابطِ لِمَا رَوَى، الْفَهِمُ لِلْمَعَانِي، الْمُحْسِنُ لَرَدَّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَجَادِبُ الْمُمْسِكَةُ لِلْمَاءِ الَّتِي يَسْتَقِي مِنْهَا النَّاسُ، هِيَ مِثْلُ الطَّائِفَةِ الَّتِي حَفِظَتْ مَا سَمِعَتْ فَقَطْ، وَضَبَطَتْهُ وَأَمْسَكَتْهُ، حَتَّى أَدَّتْهُ إِلَى غَيْرِهَا مَحْفُوظًا غَيْرَ مُغَيَّرٍ، دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِقْهٌ تَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلَا فَهْمٌ بِالرَّدِّ الْمَذْكُورِ وَكَيْفِيَّتِهِ، لَكِنْ نَفَعَ اللَّهُ بِهَا فِي التَّبْلِيغِ، فَبَلَغَتْ إِلَى مَنْ لَعَلَّهُ أَوْعَى مِنْهَا، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مَا سَمِعَ، وَلَا ضَبَطَ، فَلَيْسَ مِثْلَ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ، وَلَا مِثْلَ الْأَجَادِبِ، بَلْ هُوَ مَحْرُومٌ، وَمِثْلُهُ مِثْلَ الْقِيعَانِ، الَّتِي لَا تَنْبُتُ ⦗١٨١⦘ كَلَأً، وَلَا تُمْسِكُ مَاءً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ [الرعد: ١٩]، وَشَبَّهَ التَّارِكَ لِلْعِلْمِ، رَغْبَةً عَنْهُ وَاسْتِهَانَةً بِهِ وَتَكْذِيبًا لَهُ بِالْكَلْبِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾ [الأعراف: ١٧٥] إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ﴾ [الأعراف: ١٧٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

1 / 179