157

Faqih Wa Mutafaqqih

الفقيه و المتفقه

Investigator

أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢١ ه

Publisher Location

السعودية

أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، أنا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ، أنا أَبُو عُلَاثَةَ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، نا أَبِي، نا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] " يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ، فَكَانَ كِتَابُهُ عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ أَوْ يَرْقُدَ، فَإِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ أَوْ رَقَدَ مُنِعَ ذَلِكَ، إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] "
أنا أَبُو مَنْصُورٍ، مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَزَّازُ ⦗٢٥٢⦘ بِهَمَذَانَ، نا أَبُو الْفَضْلِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ - لَفْظًا - نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ الطَّرَائِفِيُّ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ قَالَ: الشَّافِعِيُّ: " إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، خَلَقَ الْخَلْقَ لَمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِمَّا أَرَادَ بِخَلْقِهِمْ وَبِهِمْ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً، وَفَرَضَ فِيهِ فَرَائِضَ أَثْبَتَهَا وَأُخْرَى نَسَخَهَا، رَحْمَةً لِخَلْقِهِ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ وَبِالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ، زِيَادَةً فِيمَا ابْتَدَأَهُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَثَابَهُمْ عَلَى الِانْتِهَاءِ إِلَى مَا أَثْبَتَ عَلَيْهِمْ جَنَّتَهُ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ، فَعَمَّتْهُمْ رَحْمَتُهُ فِيمَا أَثْبَتَ وَنَسَخَ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ، وَأَبَانَ لَهُمْ أَنَّهُ إِنَّمَا نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنَ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ، وَأَنَّ السُّنَّةَ لَا نَاسِخَةَ لِلْكِتَابِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لِلْكِتَابِ، بِمِثْلِ مَا نَزَلَ بِهِ نَصًّا، وَمُفَسِّرَةٌ مَعْنَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْهُ جُمَلًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنَّ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: ١٥] " قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى نَبِيِّهِ اتِّبَاعَ مَا يُوحَى إِلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ تَبْدِيلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾ [يونس: ١٥]، بَيَانُ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْسَخُ كِتَابَ اللَّهِ إِلَّا كِتَابُهُ، كَمَا كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِفَرْضِهِ وَهُوَ الْمُزِيلُ الْمُثْبِتُ لِمَا شَاءَ مِنْهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ ⦗٢٥٣⦘ وَكَذَلِكَ قَالَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] " قُلْتُ: قَدْ بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ، أَنَّ الْكِتَابَ لَا يُنْسَخُ إِلَّا بِالْكِتَابِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ هَلْ تَجُوزُ أَنْ تُنْسَخَ بِالْكِتَابِ؟ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ السُّنَّةَ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] فَلَوْ جُوِّزَ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، يُجْعَلُ الْقُرْآنُ بَيَانًا لِلسُّنَّةِ

1 / 251