136

Faqih Wa Mutafaqqih

الفقيه و المتفقه

Investigator

أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢١ ه

Publisher Location

السعودية

بَابُ الْقَوْلِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ الْعُمُومُ: كُلُّ لَفْظٍ عَمَّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، وَقَدْ يَكُونُ مُتَنَاوِلًا لِشَيْئَيْنِ، كَقَوْلِكَ: عَمَمْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا بِالْعَطَاءِ، وَقَدْ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْجِنْسِ كَقَوْلِكَ: عَمَمْتُ النَّاسَ بِالْعَطَاءِ، فَأَقَلُّهُ مَا يَتَنَاوَلُ شَيْئَيْنِ، وَأَكْثَرُهُ مَا يَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ وَلَهُ صِيغَةٌ إِذَا تَجَرَّدَتِ اقْتَضَتِ الْعُمُومَ وَاسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ كَدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ اللَّتَيْنِ لِلتَّعْرِيفِ فِي الْجَمْعِ وَالْجِنْسِ، نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وَكَالْأَلْفَاظِ الْمُبْهَمَةِ مِثْلِ: (مَنْ) فِي الْعُقَلَاءِ، وَ(مَا) فِي غَيْرِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ الْعُمُومَ لَا صِيغَةَ لَهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ الْأَلْفَاظَ يَجِبُ الْوَقْفُ فِيهَا إِلَى أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عُمُومِهَا أَوْ خُصُوصِهَا، فَتَحْمِلُ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَلَطٌ، وَدَلِيلُنَا مَا:
أنا أَبُو سَعِيدٍ، مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، نا أَبُو أُمَيَّةَ الطُّرَسُوسِيُّ، نا مُحَمَّدُ ⦗٢٢٥⦘ بْنُ الصَّلْتِ، نا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] الْآيَةُ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: فَإِنَّ عِيسَى يُعْبَدُ وَعُزَيْرًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] الْآيَةَ: عِيسَى وَعُزَيْرٌ " فَحَمَلَ الْقَوْمُ لَفْظَةَ: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] عَلَى الْعُمُومِ، وَلَهُمْ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، إِلَى أَنْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ مُرَادَهُ بِالْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ سَابِقًا بِأَنَّ عِيسَى وَعُزَيْرًا لَا يُعَذَّبَانِ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَارَضُوا بِهِمَا هُمُ الَّذِينَ أَغْفَلُوا النَّظَرَ فِي الْبَيَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1 / 224