211

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Genres

إذا تجاوزت النظرية الاختبار، والتعزيز هو جواز مرور الفرض إلى النسق العلمي، المرور من اختبارات منهج العلم القاسية، وكلما كانت الاختبارات أقسى كلما حازت النظرية التي تجتازها على درجة تعزيز أعلى، وكانت أعظم - أي أغزر في المحتوى المعرفي، وأجرأ في القوة التفسيرية ... لذلك يؤكد بوبر دائما على قسوة الاختبارات، حتى لا تستطيع النظرية أن تعزز وتعبر إلى نسق العلم بسهولة. إن التعزيز هو النتيجة الإيجابية لكل ممارسة منهجية ناجحة، فالنجاح يعني التوصل إلى فرض جديد يحل المشكلة بكفاءة أعلى من سابقه.

أما الذي يجعل القابلية للاختبار والتكذيب خاصة منطقية مميزة للقضية العلمية ومعيارا قادرا على تمييز العلم التجريبي؛ فذلك لأنها ترسو على أسس تجريبية هي العبارات الأساسية

basic statements ، وهي عبارات تجريبية مفردة لها الصورة المنطقية للعبارات الوجودية المحددة التي تقرر وجود أشياء معينة متصفة بصفة معينة في زمان معين ومكان معين، مثلا مؤشرات الأجهزة المعملية في وقت معين. إن العبارة الأساسية تشير علانية لموضوع مادي يمكن ملاحظته، ويمكن مباشرة إقرار العبارة أو إنكارها، على أنها صادقة أو كاذبة.

أما العبارات الوجودية غير المحددة مثل «هناك س في مكان ما من زمان ما» فهي تبعا لمعيار القابلية للتكذيب ليست علما؛ ذلك لأنها لا يمكن أن تخبر بشيء ما، ما لم ننسب إليها الشروط التي تحددها - أي التي تجعلها وجودية محددة. وهذه العبارات تمثل عمود التكذيب الفقري ودماءه، وهي التي خولت له إمكانياته في منطق العلم التجريبي.

فلنفترض أننا فتتنا العالم التجريبي على طريقة برتراند رسل إلى أقصى درجة ممكنة، أي إلى عدد لا نهائي من الأحداث

events ، كل حدث واقع في آن معين من الزمان ونقطة معينة من المكان، جماع هذه الأحداث هو العالم التجريبي، ولنضع لكل حدث جملة تنقله - بتعبير رسل جملة ذرية. هذه الجمل الذرية وارتباطاتها معا هي فئة «العبارات الأساسية»، إنها جميع العبارات الخصوصية الوجودية الممكن تصورها عن الواقع؛ لذلك ستحتوي الفئة على عبارات كثيرة ليس بينها توافق؛ إذ إنها تعبر عن كل الوقائع التجريبية الممكنة، أي التي قد تحدث وقد لا تحدث.

ونظريات العلم الطبيعي، أي محاولات الكشف عن القوانين التي تحكم العالم التجريبي هي محاولات رسم حدود وفواصل بين هذه العبارات الأساسية، حدود تحدد الممكن الذي سوف يحدث وسوف نلقاه في خبراتنا، وتمنع ما خارجها من الحدوث. لذلك يقول بوبر: «إن إمكانية التكذيب هي إمكانية الدخول في علاقات منطقية مع عبارات أساسية محتملة - أي من فئة كل العبارات الأساسية الممكنة. وإن هذا لهو المطلب الجوهري والمبدئي؛ لأنه متعلق بالصورة المنطقية للفرض.»

22

من حيث هو فرض علمي، ومن ثم يكون التعبير المنطقي للقابلية للتكذيب كالآتي: تكون النظرية قابلة للتكذيب - أي علمية - إذا كانت تقسم فئة كل العبارات الأساسية المحتملة تقسيما واضحا إلى الفئتين الفرعيتين اللافارغتين:

فئة كل العبارات الأساسية التي لا تتسق النظرية معها، أي التي تستبعدها وتمنعها، فإن حدثت أصبحت النظرية كاذبة، وهذه هي فئة المكذبات المحتملة

Unknown page