لا غنى عن علم الأخلاق لكثير من العلوم، كالتشريع والاقتصاد السياسي والتربية؛ إذ يبين المبادئ التي تعتبر أسسا لها، والتي بدونها تكون علوما خادعة ضارة؛ ومن أجل ذلك يسميه أرسطو بالعلم الجليل الخطر، العلم المنظم، العلم الأساسي.
لهذا، لا بد للباحث في علم الأخلاق من تبين الصلة بينه وبين ما يمت إليه من العلوم الأخرى بسبب من الأسباب؛ حتى يكون على بينة مما يرتبط منها ببحوثه. وها نحن أولاء نذكر كلمة عن هذا الموضوع مكتفين بذلك ببيان ما تمس إليه الحاجة من هذه العلاقات، وخاصة بينه وبين العلوم التي هي أمس به رحما وأقرب إليه وشيجة. (5-1) الأخلاق وعلم النفس
يبحث علم النفس في الميول والرغبات والتفكير، وفي الإرادة والشعور والعواطف واللذة والألم، وهذه مباحث لا يستغني عنها دارس علم الأخلاق؛ ليهتدي للتقدير السديد والحكم الصحيح على الأعمال التي تتأثر بهذه القوى النفسية المختلفة، ومن هنا يقول «سانتهلير» في مقدمته لكتاب «الأخلاق» لأرسطو:
بدون المشاهدة السيكولوجية - أي النفسية - لا يتحقق علم الأخلاق أو يكون علما تحكميا.
كما يقول:
إن علم النفس بتحاليله المضبوطة يجب أن يكون دليلنا الوحيد، ولنا أن نضع فيه كل ثقتنا.
9
ولشدة حاجة دارس الأخلاق لعلم النفس كان الفلاسفة الأخلاقيون يقدمون بين يدي بحوثهم وتأليفهم بحوثا أخرى في علم النفس؛ هذا أرسطو وضع قبل كتابه في الأخلاق كتابا في علم النفس سماه «النفس»، وقد شرحه أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الفيلسوف الإسلامي المعروف،
10
كما بدأ مسكويه
Unknown page