13
فكان هاروت وماروت يفعلان ما يفعله أصحاب الحيل العجيبة، وهم يقولون قبل ذلك: إنها من خفة اليد، أو استهواء الأبصار، وفتنة العقول!
وأيا كان ما فعلاه فالحكم فيه وفي جميع الخوارق أن العقل لا يمنع وقوعه منعه للمستحيل، وأن المرجع فيه إلى مطابقته للحكمة الإلهية، وضرورة التوسل به أو إمكان التوسل بغيره في مقام الإقناع.
الأخلاق
قيل في تعليل نشأة الأخلاق: إنها مصلحة اجتماعية تتمثل في عادات الأفراد؛ لتيسير العلاقات بينهم، وهم متعاونون في جماعة واحدة.
فلو انطلق كل فرد في إرضاء نزعاته، وتحقيق منافعه دون غيره، لتعذر قيام الجماعة، وانتهى الأمر بفوات المصلحة الفردية نفسها؛ لتعرض كل فرد لعدوان الآخرين، وعجزه عن تدبير منافعه كلها، وهي تتوقف على أعمال كثيرة موزعة بين الأفراد الكثيرين على اختلاف الصناعات.
ومن هنا وجب على كل فرد أن ينزل عن بعض نفعه ويعدل عن بعض هواه؛ لكي يضمن بهذا النزول المختار أكبر قسط مستطاع من الحرية والأمان.
وليس من اللازم أن يتم هذا النزول المختار بالتفاهم والتشاور، أو عن علم سابق بالنتيجة التي يصل إليها المجتمع بعد هذا النزول الإجماعي، الذي يشترك فيه جميع الأفراد.
ولكنه يتم اضطرارا بعد المحاولة والتجربة وتصحيح الأخطاء بالعبرة والعقاب.
وأيا كان مذهب القائلين في تعليل الأخلاق فمما لا مشاحة عليه أن الأخلاق مصلحة اجتماعية، وأن الجماعات تختلف بينها في العادات، وأصول العرف، على حسب اختلافها في أحوال الاجتماع.
Unknown page