ونعود بعد هذا وذاك فنقول: إن الإله الذي لا يكلف ولا يصرف، إله ملغي من حساب البشر، فلا يصلح لهم في مجال الإيمان ولا مجال التفكير.
أما العالم الذي يتساوى فيه التكليف، ويتساوى فيه العمل، ويتساوى فيه الجزاء، فليس بعالم موجود.
فالعالم الذي يتساوى فيه كل شيء لا شيء فيه.
لأن «التشيؤ» معناه تمييز شيء عن شيء، ووقوع الاختلاف بين أشياء وأشياء.
ولو تساوت الأشياء لاختلف بها الزمان، ولو تساوى الزمان لما كان هناك معنى لاختلاف شيء منها عن شيء، وهي على تعددها تتشابه في جميع الخصائص وفي جميع الأعمال، وفي جميع الأوقات.
فامتناع الاختلاف بالنسبة للأشياء عدم.
والمساواة بينها على تجدد الاختلاف بينها خلل وظلم ومباينة للمعقول.
فإذا حدث العالم المخلوق فلا بد فيه من اختلاف.
وإذا حدث فيه الاختلاف فلا بد من اختلاف التقدير واختلاف التكليف واختلاف الأعمال.
أما أن نبطل المخلوق، ونبطل ما يلزمه من صفات المخلوق، فمعنى ذلك أن يخلق الله خالقا مثله في الكمال والدوام بغير ابتداء ولا انتهاء.
Unknown page