لا تعني الكونفدرالية اختفاء السلطة الوطنية المشتركة وهوية كل شعب. وفي بعض نسخ الحدود قبل سنة 1967 (الخط الأخضر)، ظلت إسرائيل دولة يهودية، لها لغتها الخاصة، وعطلها، وانتخاباتها، ولكنها تقتسم السلطة مع الدولة الفلسطينية في مجالات الجيش والأمن والاستخبارات والمال والتبادلات، وبالمثل للفلسطينيين لغتهم الخاصة وعطلهم وانتخاباتهم، إلا أن الشعبين معا طورا مناهج مدرسية مشتركة وتحديدا حول تدريس التاريخ الذي ينصف الحقائق التاريخية ومعاناة الشعبين.
سيتعلم أطفال الجيل الجديد التفاهم والتعاطف بدل الكراهية والحقد بعضهم تجاه بعض. كما سيكون هناك تكافؤ في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في هذه الكونفدرالية، في حالة ما إذا لم يرغب البعض في الاستقرار في بعض المناطق الإسرائيلية الغنية؛ التعددية الدينية والحقوق المدنية الليبرالية ستحترم من طرف الجميع: اليهود، والمسلمين، والمسيحيين، وكل مواطني المعتقدات الأخرى. وبالنسبة للمتدينين الذين يريدون إدارة شئونهم الدينية الخاصة ستمنح لهم السلطات الدينية رخصا بذلك، كما أن هناك محاكم خاصة، ولكن أيضا هناك إعلان للحقوق لكل القاطنين يضمن لهم المساواة في الحقوق المدنية والسياسية.
وإذا سمح لي بمتابعة حلمي، أتخيل أن هذه الكونفدرالية يمكنها أن تكون نواة ومركز اتحاد في الشرق الأوسط وشعوبه، حيث تركيا ومصر والعربية السعودية والعديد من الدول الأخرى يمكنها الانضمام إليه على غرار نموذج الاتحاد الأوروبي.
الشرط الإنساني ومشكلة الشر
هل يمكن الحديث عن شر سياسي بالنسبة إلى حنة آرنت؟
الغاية من هذه الورقة النظر في جملة المفارقات التي يطرحها مفهوم الشر
1
في بعديه الأخلاقي والسياسي في فكر حنة آرنت (مع استحضار البعد الميتافيزيقي والطبيعي، على الرغم من أن المستوى الميتافيزيقي الصرف يعالج بشكل خاص في فلسفة الدين، ويطرح أسئلة من قبيل «العدل الإلهي»، و«القدرة الإلهية»، و«العناية الإلهية» ...) مع الإشارة إلى التناقض المتعلق بمجالي الحرية والضرورة. وعلى هذا الأساس استعملنا مصطلح التفاهة
2
الذي بلورته آرنت في كتابها «إيخمان في القدس» الذي كان في أصله عبارة عن تقرير عن تفاهة الشر.
Unknown page