279

Al-Falak al-dāʾir ʿalā al-mathal al-sāʾir (maṭbūʿ bi-ākhir al-juzʾ al-rābiʿ min al-mathal al-sāʾir)

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editor

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

اللفظ المشترك، وإذا أطلق من غير قرينة تخصصه كان مبهما غير مفهوم، وإذا أضيف إليه القرينة صار مختصا بشيء بعينه، والكناية أن تتكلم بشيء وتريد غيره، وذلك مخالفا للفظ المشترك إذا أضيف القرينة؛ لأنه يختص بشيء واحد لا يتعداه.
وكذلك لا يصح أن تكون الكناية في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجاز؛ لأن المجاز لا بد له من حقيقة نقل عنها؛ لأنه فرع عليها.
وذلك اللفظ الدال على المجازين إما أن يكون للحقيقة شركة في الدلالة عليه أولا يكون لها شركة في الدلالة، فيكون اللفظ الواحد قد دل على ثلاثة أشياء: أحدها الحقيقة، وهذا مخالف لأصل لوضع، وإن لم يكن للحقيقة شركة في الدلالة كان ذلك مخالفا للوضع أيضا؛ لأن أصل الوضع أن تتكلم بشيء وأنت تريد غيره.
وإذا أخرجت الحقيقة عن أن يكون لها شركة في الدلالة لم يكن الذي تكلمت به دالا على ما تكلمت به، وهذا محال.
فتحقق حينئذ أن الكناية أن تتكلم بالحقيقة وأنت تريد المجاز١.
أقول: إنا ما عرفنا أن الحدود يبرهن عليها، ولا هي من باب الدعاوي التي تحتاج إلى الأدلة لأن من وضع لفظ الكناية لأمر من الأمور لا يحتاج إلى دليله،

١ المثل السائر: ٣/ ٥٢ ومنه نقلنا النص.

4 / 293