232

Al-Falak al-dāʾir ʿalā al-mathal al-sāʾir (maṭbūʿ bi-ākhir al-juzʾ al-rābiʿ min al-mathal al-sāʾir)

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editor

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

تلفظ بالمفعول أو قبل أن يتلفظ بالمفعول؟ الأول ممنوع، لأنه بعد تعيين المفعول لا يبقى خيار، والثاني مسلم، لكن مثل هذا موجود في تأخير الفعل؛ لأنك إذا قدمت المفعول فأنت بالخيار قبل أن تتلفظ بالفعل، فيمكن أن تقول أكرمت وضربت أو رأيت، فلست مضطرا عند ذكر المفعول وقبل ذكر الفعل إلى أن تقول زيدا ضربت لا غير ذلك من الألفاظ.
فالحاصل أن الصورتين سواء في التخيير وعدم التخيير، لكن تقدير المفعول بتخير فيه في الفعل لا في المفعول؛ لأنك قد ذكرته وسبق منك تعيينه، فإن قولك زيدا ضربت يفيد في اللغة أنك لم تضرب إلا زيدا، كأن قولك ضربت زيدا يفيدا أنه لم يقع منك في حق زيد إلا الضرب فقط، وهذا محال؛ لأنك لا تعني بقولك ضربت زيدا ألا تكون قد شتمته ولا رأيته ولا أصبته ولا اعترضته، كما لا يدل تعيين الفعل أولا والابتداء به على انتفاء غيره من المفعولين.
ويدل على فساد هذا الكلام قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ ١ فإن ذلك لا يدل على الاختصاص إسحاق ويعقوب بالهداية؛ لأنه قد هدى غيره ممن كان في زمانه.
٩٨- قال المصنف: وعلى هذا ورد قوله تعالى: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِين﴾ فإنه يفيد الأمر باختصاص العبادة به دون غيره، ولو قال اعبد الله وكن من الشاكرين لم يفد الاختصاص٢.

١ سورة الأنعام: ٨٤.
٢ المثل السائر: ٢١٨.

4 / 246