205

Al-Falak al-dāʾir ʿalā al-mathal al-sāʾir (maṭbūʿ bi-ākhir al-juzʾ al-rābiʿ min al-mathal al-sāʾir)

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editor

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

سهرت لبرق من ديار ربيعة ... ولم أك للبرق اللموع بساهر
قال: كأن الصمة القشيري في شعره لم يأت بالتجريد الحقيقي، لعوده بعد أبيات عن كاف الخطاب، فالحيص بيص مثله.
٨١- قال المصنف: وقد قال أبو علي الفارسي ﵀ إن العرب كانت تعتقد في الإنسان معنى كامنا فيه، كأنه حقيقته ومحصوله، فتخرج ذلك المعنى إلى ألفاظها مجردا من الإنسان، كأنه غيره، وهو هو بعينه، نحو قولهم: لئن لقيت فلانا لتلقين منه الأسد، ولئن سألته لتسألن منه البحر، وهو بعينه الأسد والبحر، لا أن هناك شيئا منفصلا عنه ومتميزا منه.
وهذا ليس بتجريد، بل هو تشبيه مضمر الأداة، وتقديره لتسألن منه كالبحر، ولتلقين منه كالأسد، وليس هو من التجريد المشار إليه في الأبيات الشعرية، ولا حقيقة التجريد موجودة فيه١.
أقول إن الحد الذي حد هذا الرجل التجريد به لم يأت فيه نص من كتاب الله تعالى، ولا ورد عن رسول الله، وإنما هو حد اختاره هو، وفسر التجريد به، فإنه حجر على أبي علي ﵀ أن يجعل التجريد شيئا آخر. ومعلوم أن هذه الاصطلاحات والمواصفات موكولة إلى آراء العقلاء واختياراتهم، فأبو علي

١ المثل السائر: ٢/ ١٦٧ وفي كلام ابن أبي الحديد زيادة لا تخل بالمعنى، ليست في المثل السائر.

4 / 219